انخرط المغرب، ابتداء من منتصف القرن 19، في زراعة القطن، وكاد يصبح من أكبر منتجيه ومصدريه، غير أن تحالف التجار الأجانب والمحميين المغاربة لاحتكار إنتاجه دفع السلطان إلى منع تصدريه.
انت الحرب الأهلية الأمريكية سببا لتحولات عديدة في الاقتصاد العالمي في النصف الثاني من القرن 19، شملت تداعياتها العديد من مجالات التجارة والفلاحة بالمغرب حينها، وضمنها فكرة إنتاج القطن. بدليل أنها سرعت من ضغوط قوى تجارية عالمية، على الدولة المغربية، ممثلة في شخص السلطان سيدي محمد بن عبد الرحمان، لإدخال إصلاحات عدة على علاقات المغرب التجارية مع القوى الأوربية. وكان طموح تلك القوى حينها، هو تحرير التجارة المغربية، على مستوى التصدير والاستيراد، خاصة على المستويين الفلاحي والمعدني. حيث ظل الضغط ممارسا على السلطانين المغربيين محمد الرابع (سيدي محمد بن عبد الرحمان) وابنه الحسن الأول، أساسا لتحرير تصدير الحبوب والأبقار والأغنام والقطاني والصوف، لحاجة السوق الأوربية الكبيرة إليها حينذاك. بينما ظل رفض السلاطين لتحرير تجارة الحبوب واللحوم خاصة، نابعا من حرصهم على الإبقاء على الحاجة المحلية لاستهلاكهما، في المقام الأول، ضمانا للأمن العام بالمغرب، وحماية لأهله من ممكنات المجاعة، بما يستتبعه ذلك، من انفلاتات أمنية وتوترات وعصيان وقلاقل، في مختلف مناطق البلاد.
لحسن العسبي
تتمة الملف تجدونها في العدد 77 من مجلتكم «زمان»، مارس 2020