ما إن وُقعت معاهدة الحماية وتمت تنحية السلطان عبد الحفيظ، حتى تقدم شخص ذو حظوة من الجنوب بجيوشه وأعلن نفسه سلطانا وملكا جديدا. وقد لقي مساندة واسعة زعزعت كيان المستعمر وأرعبته. عرفت حركته بـ”ثورة الهيبة”. ما حكاية هذه الثورة التي بلغ صداها خارج الحدود؟ ولماذا لم تنجح في الاستمرار؟
على إثر دخول فرنسا المغرب وبسط سيطرتها، ثارت عدد من القبائل المغربية في وجه الاستعمار، وتفجرت الأوضاع بشكل كبير ضد التوقيع على معاهدة الحماية، التي سميت بمعاهدة فاس، بين السلطان مولاي عبد الحفيظ والسلطات الفرنسية.
رفض مولاي عبد الحفيظ تسهيل المخططات الفرنسية، كما يقول المؤرخ ألبير عياش، لكن هوبير ليوطي أرغم السلطان على التنازل على العرش يوم 12 غشت 1912، وأعلن في اليوم الموالي عن تولية أخيه مولاي يوسف سلطانا على البلاد. وبدعوى إرجاع البلاد الى صوابها وتخليصها من المتمردين، وشرعت القوات الفرنسية في احتلال باقي مناطق المغرب مستعينة بتواطؤ القياد على ذلك.
أثناء التوقيع على معاهدة الحماية، أشيعت حول السلطان عبد الحفيظ أخبار تقول بأنه “ذو إلحاد واستهتار بشعائر الدين”، وبأنه سمح وتعاون مع الفرنسيين وتنازل لهم عن العرش، مما أثار حنق المتمردين الذين كانت البلاد تغلي بتحركاتهم.
وفي غضون ذلك، جرى احتلال حوز مراكش ومدينتي الصويرة وأگادير تباعا، وقبل قواد الجنوب الكبار: الگلاوي والگندافي والمتوكي، خدمة السلطات الاستعمارية لقاء تقوية سلطتهم وحرية ممارستهم. يذكر ألبير عياش أنه بهذا «تمت السيطرة على الأطلس الكبير الشرقي وسهل سوس بسرعة. وكذا حمايتهما من الهجمات المتكررة للرحل بقيادة السلطان الأزرق الهيبة».
غسان الكشوري
تتمة الملف تجدونها في العدد 72 من مجلتكم «زمان»، أكتوبر 2019