أبى الوزير محمد بن عبد الوهاب الأندلسي إلا أن يدون يوميات سفارته، عندما أوفده السلطان المولى إسماعيل (1672-1727) في مهمة دبلوماسية لدى البلاط الاسباني. وكان الهدف المعلن لهذه السفارة يتمثل في تحرير مكتبة مولاي زيدان التي نهبها القراصنة، خلال محاولة نقلها بحرا من آسفي إلى أكادير، والتي شكلت النواة الرئيسية لمكتبة الإسكوريال بإسبانيا، إلى جانب إطلاق سراح خمسمائة أسير مسلم لدى الإسبان، في مرحلة شهدت العديد من مظاهر التوتر والاحتقان في العلاقات المغربية الاسبانية.
ما يؤشر على وجود هدف خفي للرحلة، طالما تم اعتبارها ناجحة من طرف السلطان رغم أن السفير الغساني أخفق في تحقيق أي من الغرضين، بل حتى حديثه عن الكتب والأسرى جاء باهتا، قياسا مثلا مع الوزير بن عثمان الذي جاء بعده (1779). وهو ما تنبه له العديد من الباحثين الذين اهتموا بموضوع هذه الرحلة، ومن بينهم المستشرق الروسي كراتشكوفسكي، الذي يرجح أن يكون الهدف الحقيقي للرحلة هو محاولة عقد معاهدة صلح بين المغرب وإسبانيا. وبقطع النظر عما استبطنه السفير تحت طيلسانه من غرض لرحلته فإن «ما يمتاز به العرض من حيوية وقوة ملاحظة ليقف كفؤا لأحسن أوصاف الرحلات الأوربية لذلك العهد، فهو يقدم لنا لوحة دقيقة للحياة الاسبانية ، وعلى وجه خاص، حياة البلاط السلطاني في عهد كارلوس الثاني»، على حد تعبير كراتشكوفسكي.
الطيب بياض
تتمة المقال تجدونها في العدد 15 من مجلتكم «زمان»