أراد السلطان أبو يوسف يعقوب المريني من خلال تشييد مدينة فاس الجديد أن يعبر عن تميز دولته عما سبقوه، فجعلها مدينة نخبة، لكن لم تستطع، على كل حال، منافسة فاس القديم.
يبدو أن فكرة تأسيس فاس الجديد تبلورت نتيجة الاصطدام الذي طبع علاقة بني مرين بأهل فاس حين دخولهم الأول للمدينة، بدءا بتمردهم على عامل المرينيين عليها، وقتله سنة 648هـ/ 1250م، مرورا بالعلاقة المتشنجة التي أعقبت هذا الحدث بينهم وبين الأمير المريني أبي بكر يحيى، وصولا إلى انتفاضة الفاسيين ضد يهود المدينة سنة 674هـ/ 1274-1275م بعد قرون من التعايش، وحماية السلطة المرينية لهم، فكان أن تأسس موقف عدائي بين هذه الأخيرة وأهل فاس.
السلطان يستنفر المنجمين والمهندسين
كانت رغبة السلطان أبي يوسف يعقوب المريني اتخاذ مقر حكم خاص به، لدواعي أمنية، حاجة ملحة لديه، خاصة بعد أن توطد ملك بني مرين، واتسع نطاق دولتهم، وعظمت حاشيتهم وأهل خدمتهم، وكثر الوافدون عليهم من الأنصار والحلفاء تعزيزا لنفوذ الدولة الجديدة، وترسيخ سلطتها. يضاف إلى ذلك حاجة السلطان إلى تمييز إقامة الجيوش المرينية البدوية عن مجال إقامة الفاسيين المتحضرين، خاصة بعد أن ضاقت القصبة الموحدية عن إيوائهم، فكان تشييد فاس الجديد تعبيرا عن إثبات ذات السلطة الجديدة، وتميزها عن باقي الدول التي سبق أن حكمت المغرب.
محمد ياسر الهلالي
تتمة المقال تجدونها في العدد 8 من مجلتكم «زمان»