رأى سلاطين المغرب وفقهاءه، خاصة في العصر السعدي، أنهم أحق بخلافة المسلمين من حكام دمشق أو بغداد، غير أن صراعهم كان مع العثمانيين الذين كانوا يحكمون إمبراطورية شاسعة.
رغم أن الأدبيات السنية وكتب ما يعرف بـ“السياسة الشرعية“ تنص في أغلبها على ضرورة توحيد بلاد المسلمين تحت خليفة واحد، وأن ما عداه من الحكام لا تتوفر فيه شروط الخلافة، إلا أن عددا من سلاطين المغرب وفقهاءه كانوا يرون خلاف ذلك، بل كانوا يرون أنفسهم أحق بخلافة المسلمين من حاكم دمشق أو بغداد. وقد تفجر هذا الصراع في مناسبات مختلفة، كان من أبرزها ما كان بين الأشراف السعديين بالمغرب والعثمانيين ببلاد الترك، وهو ما تحول إلى مواجهات عسكرية، آلت بعد ذلك إلى بناء علاقات متوازية ومفاوضات سياسية، وهو نفس ما سلكته دولة العلويين بعد ذلك، على الرغم من أن العقل الفقهي ظل بين الفينة والأخرى يحن لحلم “الخلافة الكبرى“. فكيف تفجر الصراع على الخلافة بين السعديين والعثمانيين؟ وكيف تطورت هذه المنافسة إلى اقتتال وحرب بين الطرفين؟ وكيف تمكن سلاطين المغرب من المحافظة على الاستقلال عن الإمبراطورية التي بلغت أطراف الأرض؟ وكيف كانت علاقة العلويين بحكام إسطنبول؟ وهل تحرر فقهاء المغرب من الارتباط الوجداني بعواصم الشرق؟
لا يمكن الحديث عن علاقة سلاطين المغرب بالدولة العثمانية بمعزل عن الخلفية الدينية، ولا يمكن مقارنتها بالصراعات التي كانت مع الجانب الأوربي المسيحي، بحكم أن الدولتين معهما يوحدهما دين الإسلام، بكل ما يستتبع ذلك من مفاهيم عقدية، كـ“وحدة الأمة الإسلامية“، و“خلافة المسلمين“، بل تتوحدان حتى في المنظومة المذهبية، إذ ينتميان معا لجسم “أهل السنة“، بكل ما يستتبع ذلك أيضا من اتحاد المرجعية الفقهية، وبناء العلاقات بين الدول انطلاقا من تقسيم الديار إلى دار سلم ودار حرب، وغيرها من أحكام الفقه المرتبطة بالعلاقات بين الدول، وكل ذلك يجعل الحديث عن علاقة حكام المغرب بنظرائهم الأتراك استثنائية وذات أبعاد خاصة.
محمد عبد الوهاب رفيقي
تتمة المقال تجدونها في العدد 113 من مجلتكم «زمان»