يستحضر صلاح الوديع، المناضل والمعتقل السابق، الظروف التي سبقت تنظيم أول قافلة لزيارة معتقل تازمامارت السري الرهيب، والذي قضى فيه متهمون بالتورط في المحاوليتن الانقلابيتين لعامي 1971 و1972 زهرة شبابهم، في ظروف أبعد ما تكون عن الإنسانية. في هذا الحوار، يعود الوديع إلى لحظات رفع الستار عن معتقل ظل النظام على عهد الحسن الثاني، ينكر وجوده لعقود، قبل أن يعمل النظام نفسه، لكن على عهد نظام محمد السادس، على المساعدة في التصالح مع الماضي وطي صفحاته المظلمة.
كيف جاءت مبادرة تنظيم رحلة إلى معتقل تازمامارت؟
قبل أن أتحدث عن أول رحلة إلى معتقل تازمامارت، دعني أذكر القارئ أننا لما أسسنا المنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف، كجمعية للضحايا الناجين من سنوات الرصاص ولعائلات ضحايا مجهولي المصير، بمعية كل من الراحل إدريس بنزكري والراحل لحسن موثيق وعبد الحق مصدق وخديجة الرويسي ومحمد الصبار وعبد الكريم المانوزي ومصطفى مفتاح وأحمد الحو وآخرين، فكرنا في تنظيم سلاسل بشرية نحيط بها كل المعتقلات السرية، حسب برنامج نحدده. وبدأنا بوضع لائحة خاصة بمراكز الاعتقال السري والتعسفي، وكان من بينها معتقل تازمامارت، الذي كان معروفا بشكل واسع، ليس فقط على الصعيد الوطني، وإنما أيضا على الصعيد الخارجي.
لكن لماذا انصب تركيزكم، بشكل كبير، على تازمامارت دون غيره من المعتقلات؟
في الواقع، أول وقفة قمنا بتنظيمها تعلقت بمعتقل درب مولاي الشريف وكان ذلك في شهر مارس 2000. وكانت ناجحة بكل المقاييس التنظيمية والإعلامية والسياسية. أما تازمامارت فلا يخفى أنه كان من أكثر المعتقلات التي بثت الرعب زمنا لدى المغاربة والرأي العام بسبب ما وقع فيها، وأيضا بسبب ما كتب ونسج حولها من روايات في الصحافة… اهتمامنا لم يهمل باقي المعتقلات إذن. فقد وضعنا خطة عمل مباشرة بعد تأسيس المنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف، في عام 1999، أطلقنا عليها “وقفات ذات صدى”. وكانت الخطة تقتضي تنظيم وقفات أمام هذه المراكز، بهدف توسيع الاهتمام بها إعلاميا، وإبراز كونها تركز، إن أردنا قول ذلك، كل انتقاداتنا الموجهة للسياسة التي انتهجتها الدولة، في وقت سابق، والتي أفضت إلى ارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، طيلة عشرات السنين في المغرب.
حاوره عمر جاري
تتمة الملف تجدونها في العدد 39 من مجلتكم «زمان»