فرض بنو مرين، منذ بداياتهم الأولى في الحكم، ضرائب غير شرعية لم ينص عليها لا الكتاب ولا السنة، فيما أطلق العمال والجباة أيديهم للتعسف والاغتناء.
يشبه موضوع السياسة الضريبية في مغرب العصر الوسيط الزئبق في قياس درجة توتر المجتمع، ومدى تلاؤمه مع سياسة الحاكمين أو رفضه لها. وهو موضوع متشعب المناحي سيتم التركيز فيه على العوامل التي جعلت المرينيين يفرضون، خلال أغلب مراحل دولتهم، ضرائب غير شرعية ويتعسفون في جبايتها، طالت جميع الأنشطة الاقتصادية من فلاحة وحرف وتجارة وبالتالي المجتمع برمته.
لا يخلو هذا الموضوع من صعوبات، تبتدئ بأزمة الرقم التي تطبع مصادر العصر الوسيط، وغموض الخريطة الجبائية الممتدة على حيز زمني يناهز أكثر من قرنين من النصف الثاني من القرن 7هـ/13م إلى القرن 9 هـ/15م، وصعوبة ضبط ثوابت السياسة الضريبية ومتغيراتها، لارتباطها بالاختيارات التي تحكمت في حكم كل سلطان على حدة تبعا للظرفية التاريخية التي حكم فيها.
“من الخيمة اخرج مايل”!
شكل مبدأ قطع المغارم وشجبها باسم الكتاب والسنة أحد المبادئ الرئيسة للحركات المتطلعة إلى السلطة في مغرب العصر الوسيط لإثبات الشرعية. غير أن هذا التوجه لم يحضر مع الحركة المرينية التي فرضت الضرائب على المغاربة منذ بداياتها الأولى، ويبدو أنها طالت جميع الأنشطة الاقتصادية دون وجود ضرورة إلى ذلك. ويفسر هذا الاختيار بغياب فكرة تكوين دولة عند المرينيين، بقدر ما كانوا حركة توسعية نفعية لقبائل ذات نجاعة، تأرجحت أهدافها بين السطو على ممتلكات الآخرين، وبين حماية الطرف الضعيف مقابل إتاوة سنوية معلومة.
محمد ياسر الهلالي
تتمة الملف تجدونها في العدد 76 من مجلتكم «زمان»، فبراير 2020