في 18 دجنبر 1975 اغتيل عمر بنجلون، أحد أبرز قيادات الاتحاد الوطني (ثم الاشتراكي) للقوات الشعبية، على يد أعضاء من تنظيم الشبيبة الإسلامية.
عبد اللطيف جبرو، كان من المناضلين الاتحاديين الذين عرفوا بنجلون وعايشوه عن قرب. يؤكد جبرو أن التهمة التي وجهت لبنجلون، حين اعتقاله في عام 1963، كانت مبنية على أساس أن الشرطة عثرت داخل منزله على تصميم خاص بشبكة هواتف القصر الملكي، غير أنه في المحاكمة تبين، من خلال مهندس الاتصالات عبدالعزيز العلوي المدغري، أن ذلك التصميم قديم وكان صالحا فقط على عهد محمد بن عرفة. لكن، يقول جبرو، كان بنجلون من المشمولين بحكم الإعدام، قبل أن يصدر في حقه عفو عام 1965. بمناسبة ذكرى اغتيال بنجلون، يعود جبرو في هذا الحوار إلى استحضار ذكريات حول شخصية «شهيد الاتحاد الاشتراكي» ولحظات نضالية وإنسانية تقاسماها معا قبل اغتياله.
متى تعرفت على عمر بنجلون؟
رأيت عمر، لأول مرة، في أبريل 1961، عندما كنت صحافيا في جريدة «التحرير». كان قد عين مديرا إقليميا جديدا للبريد والمواصلات في الدار البيضاء، وأشرف على رواق المغرب في المعرض الدولي الذي احتضنه المغرب. أتذكر كيف وقف واثقا من نفسه أمام الحسن الثاني، الذي كان يزور المعرض، فسأله «ماذا تفعل هنا؟». أجاب عمر «أنا مسؤول في وزارة البريد وأشرف على رواق الوزارة». فأضاف الحسن الثاني «لم أكن أعرف فيك هذا الجانب، عرفتك فقط طالبا في الحقوق يمكن أن أناقشك في القانون، أما هذا الموضوع التقني فبعيد عني». كان لي فضول في التعرف أكثر على عمر، من خلال مثل هذه المواقف، وكانت ثقته في النفس تدهشني. بعد ذلك تقوت علاقتي به في التنظيمات الحزبية، وفي 21 غشت 1963 سأصل إلى مكان عرفت في ما بعد أنه معتقل دار المقري. كان عمر، رفقة مجموعة كبيرة من المناضلين، قد غادروه للتو، حيث سيقوا إلى ثكنة عسكرية لاستكمال البحث معهم قبل إرسالهم إلى السجن المركزي بالقنيطرة. حكى لي عمر بنسعيد، شقيق الأستاذ محمد بنسعيد آيت يدر، ومناضلون آخرون أن عمر عذب عذابا شديدا في دار المقري. لما وصلت إلى سجن القنيطرة في 6 شتنبر 1963 وضعت مع مجموعة كبيرة في زنزانة كانت تسمى «حي الأشغال الشاقة».
اتهم بنجلون بالتنصت على هواتف القصر؟
في منتصف نونبر 1963 توصل كل متهم بقرار الإحالة وصك الاتهام، وكانت التهمة التي وجهت لعمر مبنية، فعلا، على أساس أنهم عثروا في منزله على تصميم خاص بشبكة هواتف القصر الملكي. تبين أثناء المحاكمة، من خلال شهادة مهندس الاتصالات عبد العزيز العلوي المدغري، أن هذا التصميم قديم وكان صالحا فقط على عهد بن عرفة! طبعا لم تكن هذه المحاكمة عادية، فقد كان أوفقير يريد تقوية نفوذه في الدولة ولهذا كان يهمه أن يقوم بحملة قمع شملت آلاف المناضلين والمتعاطفين مع الاتحاد، بل وكثيرا من الناس لم تكن لهم علاقة بالسياسة ولا صلة بالسياسيين.
حاوره إسماعيل بلاوعلي
التتمة الحوار في العدد رقم 3 من زمان