استطاع المولى الحسن الأول الحفاظ على وحدة واستقلال البلاد، مستغلا تناقضات القوى الأوربية، فأسس نواة جيش نظامي عصري، من خلال مجموعة من الإصلاحات العسكرية.
واجه المولى الحسن الأول معادلة صعبة. لأول مرة منذ انتصار واد المخازن الشهير، أصبحت هيبة المغرب أمام جيرانه والقوى الأوربية الصاعدة في مهب الريح. كان عليه إذن أن يعمل قصارى جهوده ليحافظ على وحدة واستقلال البلاد في مواجهة المد الأوربي الجارف، تجاريا وعسكريا. اتخذت هذه الضغوط عنوانا عريضا هو ضرورة “الإصلاح”، أي اتخاذ مجموعة من المبادرات تحقق انفتاح المغرب أمام حرية التجارة الأوربية، وتضمن أوضاعا امتيازية للتجار الأوربيين وأعوانهم والمتعاونين معهم من المغاربة. دون أن تمكن هذه الإصلاحات، التي شملت ميادين الإدارة والقضاء والعملة والأمن، المغرب من أن يصبح قويا بما يكفي لمجابهتهم.
من هذا المنظور كان “الإصلاح” الذي يطالب به الأوربيون طريقا نحو فقدان سيادة المخزن شيئا فشيئا، حتى فرض الأمر الواقع بإخضاع البلاد للحماية الأجنبية قصد تطبيق هذا “الإصلاح”، بضع سنوات بعد رحيل الحسن الأول. من جهته كان هذا الأخير يدرك أن الإصلاح ضروري لحماية البلد، تحديدا، من فقدان استقلاله ووحدته. إصلاح يجعل المغرب يتدارك فعلا تأخره ويصبح قوة قادرة على مواجهة أطماع الأجانب. في إطار هذه المعادلة الصعبة استطاع الحسن الأول الحفاظ على وحدة واستقلال البلاد، واسترجاع قدر من السيادة التي بدأت تضيع مع ظاهرة الحماية القنصلية، من خلال اللعب على تناقضات المصالح المتضاربة بين القوى الأوربية.
إسماعيل بلاوعلي
تتمة المقال تجدونها في العدد 37 من مجلتكم «زمان»