عندما قدم رئيس الحكومة أحمد بلافريج استقالة حكومته في 25 نونبر 1958، استدعى الملك محمد الخامس الزعيم الاستقلالي علال الفاسي لتشكيل حكومة موسعة. بدأ الزعيم الاستقلالي مشاوراته، ولم يكد ينتهي الأسبوع الأول من شهر دجنبر حتى كانت الحكومة جاهزة. بقي فقط أن يصدر الملك ظهير تعيينها، قبل أن تتدخل جهات من داخل القصر نفسه لإقناع محمد الخامس بصرف النظر عن علال الفاسي. أشارت أصابع الاتهام آنذاك إلى ولي العهد، مولاي الحسن الذي نجح في إقناع قيادات من داخل حزب الاستقلال بعدم جدوى وجود حكومة يرأسها علال الفاسي. كان يفترض أن تضم حكومة الزعيم الاستقلالي الموؤودة قيادات من جناحي حزب الاستقلال المتصارعين حينها:أحمد بلافريج في وزارة الخارجية، عبد الرحيم بوعبيد في الاقتصاد، أحمد اليزيدي في الدفاع، عمر بن عبد الجليل في الفلاحة، المهدي بنبركة في التعليم، وعبد لله إبراهيم في الداخلية. إلخ.
وكانت ستشكل إحدى الفرص الأخيرة لرأب الصدع داخل حزب الاستقلال. إلا أن رفض قيادات استقلالية (أحمد بلافريج وامحمد الدويري أساسا) المشاركة فيها، كان يعني أنها لا تحظى بالإجماع حتى داخل حزب الاستقلال نفسه. ويبدو أيضا أن القصر كان يتخوف من أن يجد صعوبة كبيرة في عزل علال الفاسي في حالة توليه رئاسة الحكومة. بعد فشل تشكيل حكومته، غادر الزعيم الاستقلالي إلى طنجة غاضبا، فيما كلف القصر عبد الله إبراهيم بتشكيل فريق حكومي جديد.
وتسلم بذلك الجناح اليساري في حزب الاستقلال دفة الحكم، ما أدى إلى تعميق الهوة بين الفريقين، فقد تحول الفريق المحافظ إلى صف المعارضة. وسرعان ما انقسم الحزب على نفسه في يناير 1959، وتم الإعلان عن ميلاد الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، الذي تعتبر حكومة عبد لله إبراهيم ممثلة له.
أي نتيجة
View All Result