ساهمت إمارة المؤمنين في ترسيخ الشرعية الدينية والسياسية والدستورية لحكم الملك محمد السادس. وفي المقابل، مكنته من احتكار وضبط الحقل الديني. وبذلك، ضمنت شكلا من أشكال “تأميم” الدين بما هو ملكية جماعية غير قابلة للتفويت أو التوظيف داخل الحقل السياسي من طرف تيارات “الإسلام السياسي” التي لم يعد مقبولا منها أن تنافس الملكية في المجال الديني.
جسد إمارة المؤمنين في الحقلين السياسي والديني سلطة زمنية حاكمة يتداخل فيها البعدان السياسي والديني في بلد تأسست سلطته الحاكمة على مشروعية عليا هي المصدر الأم لكل المشروعيات جميعها وهي المشروعية الدينية، وخاصية هذه المشروعية أنها تاريخية، ومتعالية في الوقت نفسه فهي تستمد قوتها أولا من كونها نابعة من المقدس، وثانيا كونها تجسيدا للهوية الحضارية والتاريخية للمغرب، وثالثا كونها تستند إلى مرتكز شعبي وديني هو البيعة. وبهذه المشروعية يحتكر الملك، بصفته أميرا للمؤمنين، مجال الدين باعتباره مجالا استراتيجيا خاصا به. لذلك، لا يسمح لأي مواطن أو جماعة أو هيئة سياسية بالحديث باسم الدين حفاظاً على الوحدة الدينية، والأمن الروحي للمغاربة مسلمين كانوا أو يهودا.
تميزت فترة حكم الملك محمد السادس بتكريس الدور الديني والروحي والدستوري لإمارة المؤمنين باعتبارها من أهم أسس الشرعية الدينية والسياسية للملكية في المغرب، وإحدى أهم مرتكزات التدين المغربي وأحد مفاصله البنيوية. وقد عرفت إمارة المؤمنين في عهد محمد السادس تحولات جوهرية على مستوى التوجهات والتشريع والمبادرات، وأيضا على المستوى الوظيفي والمؤسساتي والديبلوماسي والدستوري في سياق حدثين أساسيين في تاريخ المغرب الراهن خلال العقد الأخير: الأحداث الإرهابية بالدار البيضاء سنة 2003، واحتجاجات حركة 20 فبراير خلال فترة ما سمي بـ “الربيع العربي”.
حسام هاب
تتمة المقال تجدونها في العدد 82 من مجلتكم «زمان»