تقبع فيلا “ميرادور” في أعالي حي أنفا بمدينة الدار البيضاء، وهي اليوم مقر إقامة القنصل العام للولايات المتحدة في المغرب. في أواسط الأربعينات، احتضنت جدرانها جولات حاسمة من تاريخ الحرب العالمية الثانية، عندما حل بها، في عز الحرب، تشرتشل وروزفلت وديغول.
استطاع أحد أن يتعرف على فيلا “ميرادور” اليوم. لا شيء يميزها عن باقي المنازل في أحد أرقى أحياء مدينة الدار البيضاء، سوى العدد الهائل لأجهزة الإرسال الهوائية على السطح، ما يؤكد أن الأمر لا يتعلق بمجرد هوائيات للاستعمال العادي. وعلى الرصيف، تتوزع أصص إسمنتية، مزروعة بالورود، كحاجز يمنع أي سيارة من الاقتراب أكثر للوصول إلى محاداة حائط الفيلا. نحن أمام فيلا “ميرادور”. شيدت هذه البناية التي تنضح تاريخا سنة 1935، وهي اليوم مقر إقامة بريان شوكان القنصل العام الأمريكي في المغرب. وجدناه في الموعد المحدد تماما، ينتظرنا في ممشى الحديقة. وعلى بعد أمتار قليلة ينتصب باب الفيلا. باب لطالما عبرته شخصيات غيرت مجرى التاريخ. كان وجه القنصل يفصح عن ابتسامة عريضة، فخورا بما سيقدمه لزواره. كان محقا. فلو تحدثت جدران هذا البيت لنطقت تاريخا. بمجرد عبور الباب، يصطدم الزائر، على اليسار مباشرة، بالقطعة الأولى من التحفة: “غرفة الخرائط” . في هذه الغرفة، التي لا تتعدى مساحتها بضعة أمتار مربعة، جلس رئيس الوزراء البريطاني وينستون تشرتشل يقلب خرائطه في أوج الحرب العالمية الثانية. اليوم، ما تزال نظراته تحدج الزائرين من خلال صوره المعلقة على الجدران. داخل الغرفة، من السهل تخيله بقامته القصيرة وسيجاره في زواية فمه، وهو يفحص خرائطه المبسوطة فوق مكتب ما يزال إلى اليوم في مكانه.
سامي لقمهري
تتمة المقال تجدونها في العدد 24 من مجلتكم «زمان»