مر المغاربة، عبر التاريخ الطويل للمملكة، بالعديد من الأزمات. الأوبئة، الفتن، الحروب، الجفاف، الكوارث الطبيعية، الغارات الأجنبية… وكان للأوبئة حصة الأسد، التي فتكت بالأرواح، وهزت بالعقليات والذهنيات والمعتقدات. كيف كان المغاربة، إذن، يتعاملون مع الجائحات؟ ما هي نوعية الحلول التي لجؤوا إليها للحد من الضرر؟ كيف تسربت الغيبيات إلى معتقداتهم وتحكمت في عقولهم؟
“زمان” ترصد، في هذا الملف، كل التحولات الفكرية وحتى الوجدانية التي هزت المجتمع المغربي، انطلاقا من الطبقات الشعبية، وصولا إلى النخب السياسية والدينية والفكرية. قراءة ممتعة.
في الكتابات المغربية، استمر تداول لفظي الوباء والطاعون عند التأريخ للأوبئة الكبرى خلال القرن 19. وهكذا نجد أكنسوس استعملها للدلالة على طاعوني 1799 و1818. أما أحمد ابن الحاج السلمي، فاستعمل “المرض الوبائي” عند حديثه عن طاعون 1750. في حين سمى البعض الآخر مرض الكوليرا طاعونا، مثلما ورد عند صاحب “إتحاف المطالع” بالنسبة لكوليـرا 1854. وحمل الطاعون، في مؤلفات أخرى، أسماء محلية مثل “وباء الحبة”، و”مغاط”.
ميزت التعاريف الأدبية بيـن الوباء والطاعون، انطلاقا من كون الطاعون شهادة ورحـمة للمسلميـن وعقابا للكفار، والجامع المشترك بينهما هو كثرة الـموت في كليهما، مـما يفسر ما دأب عليه الإخباريون من تسمية أي وباء فتاك طاعونا. وقد ترك ظهور الكوليـرا كوافد جديد بالمنطقة، منذ 1833، أثره على مؤلفي هذه الفترة، وساد شعور بأنه مرض يختلف عن الطاعون. وخلصوا إلى أن الطاعون أخص من الوباء باعتباره طعن من الجن، والوباء هو المرض العام، وإلا فكل طاعون وباء وليس كل وباء طاعون. ودفعت قوة الدمار الديموغرافي لمرض الكوليرا الجديد، عند بداية اجتياحه لغرب البحر الأبيض المتوسط بداية القرن 19، إلى الاعتقاد بأنه أعظم من الطاعون.
هيئة التحرير
تتمة الملف تجدونها في العدد 79 من مجلتكم «زمان»