لقد تميزت علاقة المغاربة بالحيوان بطقوس خاصة ومنفردة على امتداد الزمن. منذ القديم، مرورا بالعصر الوسيط وحتى حلول فترة الاستعمار، كان الحيوان في قلب الحدث، كمحور مركزي للحياة اليومية، الاجتماعية منها والاقتصادية، وحتى السياسية والعسكرية. فالحيوان مصدر عيش أساسي، ولا حياة من دونه.
يُستعمل في التغذية، في الحرث، التنقل، الحرب، التجارة، اللباس، الهدايا، وحتى في ابتكار الأدوية وممارسة بعض الأشكال من السحر والشعوذة، دون أن ننسى، طبعا، طقوس التعبد والفرائض الدينية، عبر تقديم الأضحية.
وبالمقابل كان للحيوان، على شتى أشكاله وأنواعه، رمزياته الخاصة. كان مقياسا ومعيارا لقوة الفرد، والجماعة، والقبيلة، وحتى البلد و”الدولة” برمتها. فالغني مثلا يعرف من ثيابه، ولكنه يقاس، أيضا، بدوابه وماشيته، بحسب عددها وصحتها وقوتها. أما الفقير والضعيف، فلا قوة ولا حيوان له، باستثناء بعض الحيوانات الأليفة أو “المنزلية” كالكلب والقط وكلاهما لا يسمن ولا يغني عن جوع. وبلغت درجة التعلق بالحيوان، أحيانا، إلى ما يشبه القداسة. الأمر الذي ينطبق على الفرس والأسد. فالأول كان أغلى من الذهب، لما له من قوة وجمال وأدوار رمزية اجتماعية وحربية. والثاني كانت له هيبته الخاصة التي لا توازيها إلا الهيبة السلطانية، (من هنا تشبث به الحكام الموحدون على سبيل المثل). ملف العدد يسلط الضوء عن الأسرار والخبايا التي جعلت من الحيوان أكثر من صديق للإنسان المغربي منذ القِدم. قراءة ممتعة.
هيئة التحرير
تتمة المقال تجدونها في العدد 84 من مجلتكم «زمان»