خرج سلاويون، عام 1934 ، في مسيرات للمطالبة بإغلاق الخمارات التي فتحت أبوابها في أحياء المسلمين بالقرب من المساجد والزوايا. انتصروا في معركتهم، وشكلوا بذلك أول نواة للحركة الوطنية داخل المدينة.
جسد الارتباط بالهوية الدينية الإسلامية واحدا من العناصر المؤسسة التي انبثقت عنها ولادة حركة وطنية مغربية رافضة لمشروع الحماية الفرنسية، بل يمكن القول إن قوة هاته المشاعر الدينية قد أسهمت بشكل مباشر أو غير مباشر في تشكيل هذه الهوية الوطنية المغربية. المؤرخ البريطاني بنيدكت أندرسون يرى، مثلا، أنه لا يمكن فهم الوطنية خارج النظم الثقافية التي كانت سائدة قبلا، لذلك كان الانتماء إلى ثقافة دينية مشتركة واحدا من القواعد التي بنيت عليها الإيديولوجيا الوطنية في عهد الحماية، أو لنقل على الأقل ما يتعلق بالوطنية كنشاط سياسي محدد بإطار فترة الحماية.
الخمر يشعل المواجهة
حينما بدأ الوعي الوط ين يترسخ لدى ثلة من الشباب المغربي، في مدن مثل الرباط وسلا وتطوان وفاس المنتمين في معظمهم إلى أوساط نخبوية، كانت فكرة “الدولة الوطنية” ما تزال شبه غائبة، ولم يكن لهذه الأفكار المناهضة للاستعمار أي وعاء فارغ يحتضنها ويضفي عليها الشرعية غير الدين. «كان الشعب المغربي آنذاك ينظر إلى فكرة الدولة الوطنية بنوع من الريبة، خصوصا بعد أن رأوا نموذج مصطفى كمال في تركيا الذي كانوا ينظرون إليه بداية كبطل للإسلام، لذلك فضلنا في نهاية المطاف خيار المقاومة الدينية، لأن جميع المغاربة متمسكون بدينهم ومستعدون لفداء نفسهم من أجله »، كما كتب عبد الكريم حجي أحد وجوه الحركة الوطنية في سنوات الثلاثينات.
عماد استيتو
تتمة الملف تجدونها في العدد 48 من مجلتكم «زمان»