استعملت القوى الأجنبية الجرائد، التي سُميت آنئذ بـ«الكوازيط»، لتعزيز نفوذها بالمغرب. ولما أزعجت المولى عبد العزيز سارع باقتراح من «أصدقائه» الألمان إلى إيجاد جريدة مدافعة عنه عُرفت بـ«لسان المغرب»، سرعان ما صارت بدورها مزعجة للمخزن فعمل على وئدها.
اشتدت المنافسة بين الدول الأجنبية المعنية بالشأن المغربي خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر، وبلغت ذروتها بعد مؤتمر مدريد سنة 1880. وظهر على الساحة خمسة منافسين رئيسيين، وإن بدرجات متفاوتة، يسعى كل منهم إلى ضمان نفوذ أكثر في المغرب من أجل السيطرة، أو لتعزيز القوة التفاوضية، في أي مساومة مع باقي المنافسين.
يتعلق الأمر بكل من فرنسا التي أصبحت جارا بالغصب في الشرق، والتي عززت مصالحها ووجودها في المغرب بمقتضى تسوية بيكلار سنة 1863. وإسبانيا المستندة بدورها إلى المعطى الجغرافي، والتي رسخت سلبها لمدينتين بشمال البلاد لقرون، وضمنت حقوقا وامتيازات بعد هزيمة المغرب في حرب تطوان سنة 1860. وكذا إنجلترا التي سوقت عن نفسها صورة البلد الحريص على مصالح المغرب، وهي المتوجسة في الواقع لوضعها في صخرة جبل طارق، وسبقت غيرها من الدول إلى ضمان مصالحها في المغرب بمعاهدة دجنبر 1856.
لم تكن إيطاليا لترضى بدور ثانوي في المغرب، خاصة بعد إدخالها في عهد الحسن الأول ضمن أجندة الإصلاحات العسكرية التي جرى تبنيها. ثم ظهر لاعب جديد على الساحة المغربية، لم يكن إلى عهد قريب مهتما بشأن المنافسة لضمان موطئ قدم في المغرب، يتعلق الأمر بالمارد الألماني الذي حرص، منذ ثمانينات القرن التاسع عشر، على ألا تبرم أية تسوية في المغرب دون مراعاة لمصالحه.
الطيب بياض
تتمة المقال تجدونها في العدد 22-23من مجانكم «زمان»