لا تزال جريمة اغتيال عباس المسعدي، قائد إحدى فرق جيش التحرير، في صيف سنة 1956 من الجرائم السياسية الغامضة في التاريخ المغربي الراهن. فضلا عن كونها تطرح من حين لآخر من خلال بعض الروايات، خاصة في صيغة اتهام المهدي بنبركة، الذي كان حين ارتكاب الجريمة من أبرز قادة حزب الاستقلال. اليوم يقدم مولاي عبد السلام الجبلي، أحد رفاق بنبركة وأحد مؤسسي حركة المقاومة في مراكش، تفاصيل هامة حول الجريمة من شأنها إضاءة بعض مناطق العتمة التي ما تزال تحيط بها. في الحوار الحصري الذي خص به “زمان” في عددها 24 المعروض حاليا في الأكشاك، يذكر الجبلي بمعطى أساسي. “يجب أن نتذكر أن كريم حجاج اعتقل رفقة العنصرين المرافقين له في لحظة اغتيال عباس، وأن دوائر عليا كانت تشرف على اعتقالهم والتحقيق معهم. لكن بدل أن يحاكم حجاج، كما كان منتظرا، أطلق سراحه وسراح الشخصين الآخرين الذين كانا معه، ثم أعطيتهم امتيازات مادية!”. جوابا عن سؤال حول السياق الذي ذهب فيه المتهمون الثلاثة لإحضار المسعدي من فاس إلى الدار البيضاء، يضيف الجبلي “عندما حصل الخلاف المعروف بين عباس المسعدي والمهدي بنبركة، وبعدما تعمد المسعدي إهانة المهدي بنبركة باعتبار أنه سياسي ولم يكن مقاوما، قررنا في قيادة المقاومة استدعاء المسعدي لاجتماع يناقش تحديدا موضوع مستقبل جيش التحرير والآراء المختلفة التي برزت بشأنه. كان حضور المسعدي لهذا الاجتماع منتظرا بحكم مسؤوليته في قيادة إحدى مناطق جيش التحرير.” بخصوص علاقة المهدي بنبركة بهذا الاجتماع الذي كان يفترض أن يتم إحضار المسعدي للمشاركة فيه، يقول الجبلي: “لا علاقة للمهدي بنبركة بهذا الاجتماع، ولم تكن له علاقة بقيادة المقاومة، علاقاتنا معه حينها كانت في إطار الحزب فقط. أما ما يقال عنه فيرجع فقط للرغبة في تحطيم حزب الاستقلال من خلال اتهامه، واتهام المهدي خصوصا، بالمسؤولية عن اغتيال المسعدي. في حين أن اعتقال المتهمين والتحقيق معهم، ثم إطلاق سراحهم، ومنحهم امتيازات كما قلت تم بأوامر المسؤولين عن الأمن. أما بالنسبة لرأي عباس المسعدي في مصير جيش التحرير، حسب ما علمت، فكان أن يتوجه إلى الجزائر للمشاركة في الثورة الجزائرية، وكان ذلك بتأثير من محمد بن عبد الكريم الخطابي، وليس صحيحا ما قاله عبد الكريم الخطيب لاحقا من أنه كان هو صاحب هذا الرأي”. تجدون تفاصيل أوفى عن هذا الموضوع، وأحداث وتطورات أخرى هامة، في المرحلة التي تلت الاستقلال ضمن عدد هذا الشهر لمجلة “زمان”.
أي نتيجة
View All Result