ما بين رحيل محمد بنعرفة في 1 أكتوبر 1955 وعودة محمد الخامس في 16 نونبر من نفس السنة، عهد لمجلس حفظة العرش بحل الأزمة المغربية، من خلال حكومة يشكلها الفاطمي بنسليمان. فلماذا انضم الباشا الگلاوي، فجأة، للوطنيين الرافضين لهذا المشروع، مناديا هو الآخر بعودة محمد الخامس؟
أزيح محمد بنعرفة عن العرش، في الفاتح من أكتوبر 1955، شهرا ونصف قبل أن يتمكن محمد بنيوسف من العودة إلى عرشه، ويبدأ مسلسل المفاوضات حول الاستقلال. بين هذين الحدثين، حاولت فرنسا فرض صيغة حل ثالث تمثل في إقامة مجلس لحفظة العرش، وحكومة كلف بتشكيلها الفاطمي بنسليمان، تتولى التفاوض حول وضع جديد للعلاقات المغربية الفرنسية، لا يلغي بالضرورة معاهدة الحماية. وضع جديد، لا يشكل فيه الوطنيون “المتشددون” كما كانت فرنسا تسميهم، سوى طرف من ضمن أطراف أخرى متعددة تمثل “الرأي العام المغربي”. في مقابل ذلك، تلتزم السلطات الفرنسية بنقل العائلة الملكية من منفاها في مدغشقر لتستقر في فرنسا، على أساس إلزام محمد الخامس بالتخلي عن أي نشاط سياسي. بيد أن انطلاقة جيش التحرير، في تلك الأثناء، وإصرار الحركة الوطنية على التشبث بعودة محمد الخامس، مقترنة بإلغاء معاهدة الحماية واسترجاع سيادة البلاد، أجهض هذه الصيغة التي بدأ تطبيقها على أرض الواقع منذ 17 أكتوبر من تلك السنة، يوم تعيين أعضاء مجلس العرش.
في خضم ذلك فجر الباشا التهامي الگلاوي قتبلة سياسية مدوية، دعمت موقف الحركة الوطنية، أكثر من أي وقت مضى، وذلك بإعلانه المفاجئ موافقته على عودة السلطان الشرعي إلى عرشه. الرجل، الذي كان رأس حربة المنقلبين على سيدي محمد بنيوسف في 20 غشت 1953، هو نفسه الذي أسقط مجلس العرش. لماذا انقلب الگلاوي هكذا فجأة؟ ما الذي حدث أثناء تلك الأيام الأربعة ما بين 22 أكتوبر، تاريخ لقائه بالفاطمي بنسليمان، و25 أكتوبر، يوم إعلانه عدم تزكية مجلس العرش والانضمام لصف المطالبين بعودة محمد الخامس؟ وهل ارتبط هذا التحول باتصاله مع قادة حزب الاستقلال، فقط، أم بتدبير وتنسيق مع السلطات الفرنسية لترتيب ما لم يعد منه بد، على نحو يقلل الخسائر؟
إسماعيل بلاوعلي
تتمة الملف تجدونها في العدد 44 من مجلتكم «زمان»