أسهم وجود الأمريكيين بالمغرب، ابتداء من أربعينات القرن الماضي، في تغيير الكثير من العادات، بل إن عددا من المغاربة تطبعوا بأساليب فن العيش الأمريكي.
شهد يوم الثامن من شهر نونبر 1942 حدثا تاريخيا بارزا بالذاكرة المغربية، حيث عرفت السواحل الأطلسية للمملكة أكبر إنزال للقوات الأمريكية، بقيادة الجنرال دوايت أيزنهاور، فيما سمي بعملية “الشعلة“. وقد كان لهذا الإنزال عدد من التداعيات السياسية والعسكرية، فالمغرب وقتها كان محتلا من طرف فرنسا، والحرب العالمية الثانية قد دخلت سنتها الرابعة، والولايات المتحدة الأمريكية قد انضمت إلى جيوش الحلفاء في مقابل دول المحور، إلا أن هذه التداعيات تعدت ذلك لما هو ثقافي واجتماعي وديني، بحكم استقرار هذه القوات لما يقارب عشرين سنة فوق أرض المغرب، فكيف استقبلت النخبة المغربية قرار الإنزال؟ وكيف كان تفاعل الشعب المغربي مع هذه الأحداث؟ وكيف أثر هذا التواجد على عادات المغاربة وطرقهم في العيش؟ وكيف استقبل المغاربة اليهود الإنزال الأمريكي؟ وما تداعياته على واقع هذه الطائفة بالمغرب؟
لم يكن موقف النخبة المغربية من الإنزال الأمريكي بالساحل الأطلسي للمملكة مختلفا عن موقف السلطان واختياره، إذ رحبت بهذا التطور، واعتبرته مكسبا للحركة الوطنية المغربية، وتعزيزا لمقاومتها للمحتل. ولذلك، لم يرصد التاريخ أي موقف معارض لهذا الإنزال أو مشكك في جدواه وأهدافه.
كانت النخبة المغربية منبهرة بالولايات المتحدة الأمريكية، هذه القوة الصاعدة والمنبعثة، في مقابل تراجع الفرنسيين الذين تعرضوا للهزيمة أمام القوات الألمانية، فضلا عن تدهور العلاقة بين الحركة الوطنية وقوى الاحتلال، فيما كانت الولايات المتحدة تسوق نفسها داعية للحرية، وخصما لكل المحتلين والمستعمرين، وهو ما جعلها برأيهم الأمل في الخروج من القبضة الفرنسية المفروضة منذ سنة .1912
محمد عبد الوهاب رفيقي
تتمة المقال تجدونها في العدد 97 من مجلتكم «زمان»