يعتبر مبروك الصغير، من أبرز المتخصصين في الأركيولوجيا الإسلامية، حصل على دكتوراه في علم الآثار بجامعة السوربون باريس ،1 وعلى دكتوراه الدولة في التاريخ والآثار من جامعة محمد الخامس بالرباط .كما أشرف على عدة برامج للحفريات الأثرية، أبرزها حفريات قصبتي الأّوداية بالرباط، وكناوة بسلا، وحفريات فـگيگ، وحفريات إغرم وسار بالأطلس المتوسط، وتامدولت الإدريسية بإقليم طاطا ..يشتغل الآن أستاذا بالمعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث بالرباط . ”زمان “تلتقي معه، للحديث عن حيثيات الحفريات الأثرية الأخيرة لقصبة أگـادير أوفلا، التي عايشها وشارك فيها بصفته رئيسا للبعثة الأثرية المغربية-الإسبانية، وكذا عن أبرز النتائج التي استخلصها من هاته الحفريات الوقائية.
بداية، حدثنا عن تاريخ قصبة أگـادير أوفلا؟
في سنة ،1505 قام ضابط برتغالي ببناء برج دفاعي بمدينة أگادير لقب باسم “سانتا كروز دو كوبي“. ومع بداية الحركة السعدية في المغرب، شرع محمد الشيخ السعدي في الهجوم على البرتغال في “سانتا كروز“، وتوالت هاته الهجمات إلى حدود سنة .1540 في هاته السنة، بدأ محمد الشيخ في بناء قصبة أگادير أوفلا، وبنى برجا كبيرا، واستطاع بذلك محاصرة المركز البرتغالي “سانتا كروز“، وطرد البرتغاليين منه .أصبحت أگادير، إذن، موقعا استراتيجيا للدولة السعدية، واحتل ميناء القصبة دورا أساسيا في المبادلات التجارية للدولة السعدية .بعد مقتل محمد الشيخ السعدي، تولى ابنه بعده الحكم (عبد الله الغالب)، واستكمل هذا الأخير بناء القصبة .فانتعشت الحركة التجارية لميناء القصبة من خلال المبادلات التجارية الخارجية، خاصة الهولندية والإنجليزية منها.
خلال القرن ،18 عرفت أگادير زلزال لشبونة، لكنها ترممت إلى حد ما. وخلال النصف الثاني من القرن ذاته، ونتيجة بناء السلطان محمد بن عبدا لله لمدينة الصويرة، عرف ميناء القصبة تدهورا كبيرا، ما أدى إلى تراجع المبادلات التجارية، ليصبح ميناء الصويرة هو الوجهة الجديدة لتلك المبادلات. واستمر تدهور قصبة أگادير أوفلا خلال القرن 19 وبداية القرن العشرين، حتى هاجم الفرنسيون القصبة وأسقطوا أجزاء منها، خصوصا جزء من المسجد الأعظم للقصبة، واحتلوها سنة .1913لكن بالرغم من ذلك، تمكنت القصبة خلال الفترة الاستعمارية من استعادة نشاطها التجاري، ورجع جزء من ساكنتها القديمة إلى منازلهم داخل القصبة، فعمرت من جديد، وعرفت تطورا جديدا واكب المرحلة الكولونيالية.
ماذا وقع بالضبط للقصبة بعد زلزال أگـادير عام 1960؟
في ليلة الاثنين 29 فبراير ،1960 وقع زلزال عنيف. وكانت القصبة، حينذاك، تضم أكثر من 800 ساكن تهدمت القصبة فوق رؤوسهم باستثناء بعض الأجزاء منها (القصبة) التي قاومت الزلزال، ولم ينج مع الأسف إلا القليل من السكان الذين ما زال بعضهم أحياء إلى الآن.
تتمة الحوار تجدونها في العدد 94-95 من مجلتكم «زمان»