يعتبر محمد حرفي من مقاومي الحركة الوطنية، ومن مؤسسي الاتحاد الوطني للقوات الشعبية بالجهة الشرقية بمدينة وجدة. شهد عدة أحداث منذ ريعان شبابه إبان الاستعمار الفرنسي، إذ شارك في إطلاق الشرارة الأولى لانتفاضة وجدة أثناء نفي محمد الخامس في سنة 1953، وانتقل من الشبيبة الاستقلالية إلى الاتحادية، متأثرا بالمهدي بن بركة وعمر بنجلون، الذي عرفه عن قرب، إلى جانب الفقيه البصري وآخرين، ومطلعا على علاقة الوطنيين بالجزائر. اعتقل في عهد الاستعمار، لكن سجون المغرب، في عهد الحسن الثاني، كانت أشد قسوة عليه. في هذا الحوار مع “زمان”، يكشف المقاوم والاتحادي السابق محمد حرفي عما عاشه منذ لحظة تمخض الحركة الاتحادية، بكل صراعاتها الداخلية وضد النظام، وصولا إلى مغرب ما بعد الاستقلال، الذي يعتبره مفتقدا إلى “فعل الثورة ” كما يصفه.
حدثنا عن نشأتك ومسارك التعليمي؟
أنا من مواليد سنة 1936 بواحة فـﯖيڭ. قضيت بها ست سنوات، ثم انتقلت بعدها إلى مدينة وجدة، وبها بدأت تعليمي الأولي في الكتاتيب القرآنية، ثم في المدارس الحرة العربية التي كانت الحركة الوطنية تشرف عليها. وبعد حصولي على الشهادة الابتدائية في عام 1951، رحلت إلى مدينة فاس لأتابع دراستي في جامعة القرويين. ولما اعتقل والدي عام 1954 ضمن خلية من رجال المقاومة، انقطعت عن الدراسة واشتغلت معلما في مدرسة حرة تدعى مدرسة النجاح. ولجت بعدها إلى مدرسة المعلمين، فعينت بعد تخرجي منها، في بداية استرجاع المغرب استقلاله، معلما في الابتدائي ثم الإعدادي، ثم أستاذا ومديرا لثانوية، فأستاذا مكونا بالمركز التربوي الجهوي إلى أن أحلت على التقاعد سنة 1997.
كيف عشت ظروف الاستعمار وأنت شاب؟
كأي شاب ينتمي إلى عائلة والدها من الوطنيين، وتتلمذ على يد معلمين وطنيين في مدرسة تزرع في نفوس ناشئتها حب الوطن، وتلقنه ذلك عن طريق إشراكهم في الأنشطة الموازية كالمسرح والكشفية والأناشيد الدينية والوطنية.
كيف تصف الحركة الوطنية في الجهة الشرقية؟
الحديث عن هذا الجانب طويل، لذا سأختصره في أننا، بصفتنا تلاميذ، لم نكن نعرف عن الحركة الوطنية في الجهة الشرقية إلا ما كان يمارس أمام أعيننا في المنازل وفي المدرسة، وأحيانا في الشارع حيث كانت تعقد اجتماعات خلايا هذه الحركة، دون أن نستوعب ما كان يدور داخلها. ولكن على العموم أدركنا، بعد وعينا، أن تلك الاجتماعات كانت تدخل ضمن تأطير المواطنين وتوعيتهم لمواجهة الاستعمار، وسيظهر أثرها في عدة مناسبات. فعلى سبيل المثال ما جرى في مظاهرة 1948 وأحداث 16 غشت 1953، يدل على أن سكان هذه الجهة كانوا في مستوى عال من الوعي الوطني وفي مستوى راق من الإحكام والتنظيم.
تتمة الملف تجدونها في العدد 63 من مجلتكم «زمان»