جندت فرنسا، بعدما تكبدت هزائم وخسرت الكثير من أراضيها، كل طاقاتها حتى يصبح المغرب قدرها، ووظفت في ذلك جناحي العلم والسيف.
هزيمة نابليون سنة 1815، في منبسط واترلو، التابع لبلجيكا حاليا، وقيام نظام التحالف المقدس إثرها المبني على توازن القِوى الذي يُعزى لوزير خارجية النمسا مترنك، هو ما حوّل أنظار فرنسا نحو إفريقيا، وبالضبط شمالها كي تجعل منها مجالها الحيوي. كان نزول الفيالق الفرنسية بقيادة الدوق بورمون في مرفأ سيد فرج بالجزائر سنة 1830 تعبيرا عن السعي لتحقيق مجد لم تستطع فرنسا أن تنجزه في أوربا. ولم تكن الجزائر في ذهن أصحاب القرار الفرنسيين إلا بداية، بيد أن هذه الرغبة اصطدمت بتصلب موقف بريطانيا التي أفهمت فرنسا أنها لا تستطيع أن تمتد غربا، لما يشكل ذلك من تهديد لمصالح بريطانيا، وبالأخص في مضيق جبل طارق التي كانت بريطانيا تريده على الأقل محايدا.
العلم أداة للتغلغل
غير أن هدف التوسع انطلاقا من الجزائر لم يفتر في أذهان كثير من السياسيين والعسكريين الفرنسيين، ولم تكن المسألة كما عبّر عنها الدبلوماسي بريفو باردول، بحثا عن توسع ترابي، بل تحقيقا لمجد، وكان مسرح العظمة المنشودة هو شمال افريقيا، الأمر الذي من شأنه أن يتيح لفرنسا أن تتكلم من منطق قوة، وتؤثر في مسار العالم… لم تكن الغاية أن تصبح إفريقيا (شمال افريقيا على الأصح)، حسب تعبير الدبلوماسي الفرنسي، بمثابة الهند بالنسبة لإنجلترا، بل أمريكا فرنسية، يقطنها فرنسيون، ومنزوعة من أهاليها الأصليين إن اقتضى الحال.
حسن أوريد
تتمة الملف تجدونها في العدد 43 من مجلتكم «زمان»