أججت وفاة المولى إسماعيل الصراع بين أبنائه حول العرش. واضطلع عبيد البخاري بدور كبير في نسج المؤامرات لتولية سلطان ما الحكم.
أدركت الوفاة السلطان المولى إسماعيل عام1139 هـ/ 1727م مما أسفر عن أزمة سياسية خطيرة أشعل فتيلها كبار قواد جيش عبيد البخاري، ومن انصاع لهم من الأمراء المتوثبين للحكم. وقد اعتبرت هذه المرحلة، التي دامت لثلاثة عقود، من أكثر الفترات اضطرابا في تاريخ المغرب الحديث.
جيش البخاري يخلع ويبايع
أضحى جيش عبيد البخاري، بعد أن كان أداة لصيانة الملك وحماية الرعية وتعزيز سلطة الدولة وهيبتها، عبارة عن فرق من العصابات المدججة بالسلاح المستفردة بالسلطة، المتحكمة في تولية السلاطين وعزلهم، أو اغتيالهم إن اقتضى الأمر ذلك، فكثرت المؤامرات والدسائس، سواء في دهاليز القصور أو فيما يحيط بها من قصبات الجيش. بويع عدد من الأمراء من أبناء المولى إسماعيل في هذه الفترة الحرجة، غير أن المؤامرات والدسائس فيما بينهم، التي كان يحيك خيوطها كبار زعماء عبيد البخاري، جعلتهم عاجزين عن فرض النظام وتجاوز الأزمة التي ألمت بالمخزن بكل مؤسساته. تسببت هذه الأوضاع الاستثنائية داخل البلاط، وما كان يترتب عنها من نزاعات وهرج ومرج بين المتوثبين للحكم، في فقد الدولة العديد من كبار رجالاتها الذين كان يقوم عليهم الجهاز المخزني ويتعزَّز بهم الملك، وقد تحدثت المصادر عن الكثير ممن لقوا حتفهم من القواد والوزراء والباشوات والعمال ومن كانوا في محيط السلطان، وقد نُفذ ذلك بأمر من الأمراء المتعاقبين بالتولية والعزل طيلة الثلاثين سنة التي اعقبت وفاة السلطان المولى إسماعيل. كان المولى عبد الله من أشد السلاطين بأسا في الإيقاع بهؤلاء، سواء منهم من كان متلبسا بما نُسب إليه أو كان ضحية دسائس حيكت ضده.
عبد المالك ناصري
تتمة المقال تجدونها في العدد 57 من مجلتكم «زمان»