لم يكن حدث سقوط الخلافة العثمانية في سنة 1924، حدثا عابرا بالنسبة للعالم، ولم يكن أثره كـ”أثر الفراشة” فحسب، بل كان تاريخا غيّر وجه المشرق والمغرب على حد سواء. فكيف ذلك؟
شكل حدث دخول فرنسا إلى الجزائر في سنة 1830 بداية أفول الإمبراطورية العثمانية. وبالرغم من أن المغرب لم يكن تحت الحكم العثماني بخلاف جيرانه الجزائريين، إلا أن حدث نهاية الدولة العثمانية كان له تأثير بالغ على المغرب في القرنين الأخيرين.
ففي مطلع القرن العشرين، بدأت الإمبراطورية العثمانية التي هيمنت لستة قرون في التخبط بسبب أمورها الداخلية. فحاول السلطان عبد الحميد الثاني جاهدا تلميع صورته وتبني إصلاحات، منها القيام بدور حامي المسلمين والاهتمام بأمور الفلسطينيين. وكان على صلة بالسلفي الإصلاحي جمال الدين الأفغاني الذي كان له تأثير بالغ على المسلمين بأفكاره التنويرية. تبنى السلطان العثماني دعوته إلى إقامة “الجامعة الإسلامية” لتوحيد الأقطار العربية ضد الهجمات الاوربية الاستعمارية، واعتنق أفكاره سلفيو المغرب، لكنه لم يحقق ذلك، وانتهى به المطاف إلى خلعه سنة 1909.
كان للمغرب صلات بالدولة العثمانية، كباقي الدول العربية، بحكم القرابة الدينية بين البلدين، إذ كان علماء المغرب والمشرق يتشاركون في عدة لقاءات فكرية في مصر وسوريا وفي أوربا. وقد حاولت فرنسا، منذ مد يدها على شمال إفريقيا، التفريق بين المشتركات وما يصل هاته الدول، سعيا منها لتحقيق مشروعها الاستعماري، وعزل شمال إفريقيا. في الفترة الحفيظية، اعتزم السلطان المغربي القيام بعدة إصلاحات في ما يخص الجيش، فاستعان بخبراء أتراك استقدمهم للمغرب. هذه المحاولات أثارت سخط السلطات الفرنسية لخوفها من تسلل بعض الأفكار والتقنيات التركية إلى المغاربة.
غسان الكشوري
تتمة المقال تجدونها في العدد 72 من مجلتكم «زمان»، أكتوبر 2019