فتح مؤتمر أنفا، الذي ناقش ضرب دول المحور من الجنوب، هامشا أمام النخبة السياسية المغربية، لضرب فرنسا نفسها من خلال أمريكا، ”الصديق الجديد “الذي يمكن الاعتماد عليه.
لم يكن الإنزال بالمغرب هينا بالنسبة للولايات المتحدة، لأن فرنسا لم تكن حليفة. كيف يمكن الإنزال بالمغرب “الفرنسي“ من دون تجنب رد الفرنسيين وحلفائهم الألمان، وكيف إيفاد قوات عسكرية ضخمة المعروفة “بـTask force 14″ المكونة من 102 بارجة حربية، دون التعرض لرد ألماني.. كان يمكن للقوات الألمانية أن ترصدها عبر غواصاتها وهي تعبر المحيط نحو المغرب …لم تُستعمل وسائل اتصال الراديو خلال الرحلة حتى لا يتم رصدها، وتم اعتماد وسائل بدائية في التواصل، من خلال الإشارات باليد، على ظهر سفينة تنقلها لأخرى .يظل العبور من ضفاف الولايات المتحدة إلى المغرب من العمليات العسكرية الكبرى، إذ كان يمكن رصدها من قبل الغواصات الألمانية، ومن تم نسفها، ولذلك تم اعتماد تقنية التمايل “ “Zig Zagحتى لا يتم رصدها. تداخلت في العملية الاعتبارات العسكرية، وما يتطلبها من قوة النار، واللوجستيك، والمخابرات، والدبلوماسية. يظل شخصان أمريكيان رائدا العملية التي غيرت مجرى التاريخ، قائد العملية العسكرية الجنرال جورج باتون “ “George Pattonوممثل قنصلية الولايات المتحدة في الدار البيضاء ديف كينغ “ “Dave Kingظاهريا، رئيس وحدة المصالح الاستراتيجية (The Office Of Strategic Services” (OSS“.
عملية الشهاب
تسمى عملية الإنزال الأمريكي في عرض شواطئ الدار البيضاء، وفضالة (المحمدية) بعملية شهاب Torch“” تمت بتاريخ 8 نونبر ،1942 أهم حدث غير مجرى الحرب العالمية الثانية. كان من الضروري تخفيف العبء على الاتحاد السوفياتي من خلال خلق جبهة أخرى. لم يكن واردا من منظور تشرشل ضرب فرنسا، حليفة ألمانيا، في فرنسا، لأن مآل المواجهة غير مأمول، وإنما ضربها في الأطراف. رحل تشرتشل إلى موسكو في مسعى كي يقنع ستالين بضرب فرنسا من الأطراف، وهو ما لم يقتنع به ستالين الذي كان يريد هجوما على فرنسا في عقر دراها .أخيرا، اقتنع ستالين بعد كؤوس عدة من الفودكا حول ما أسماه تشرشل نظرية التمساح .لا يمكن مواجهة التمساح مباشرة، لأن له قواطع حادة، وجلدا يحميه، لكن للتمساح نقطة ضعف، هو بطنه. من العبث ضرب ألمانيا التي كانت تبدو كتمساح، مباشرة، ولكن من بطنها، أي من الأطراف، أي ضرب فرنسا حليفة ألمانيا من حوض البحر الأبيض المتوسط، ومن ثمة أن يكون الإنزال في الجزائر، لكن كان للأمريكيين رأي آخر .الإنزال يتم في حوض المحيط الأطلسي، بالدار البيضاء مع قاعدة مكملة هي وهران .الكلمة الأخيرة تعود للأمريكيين، ولم يسع تشرشل إلا أن يقبل على مضض، ويأسى لعجز الأمريكيين عن إدراك أهمية البحر الأبيض المتوسط.
حسن أوريد
تتمة المقال تجدونها في العدد 97 من مجلتكم «زمان»