على غرار وثيقة 11 يناير المطالبة بالاسقلال، صدرت خمس وثائق للغرض ذاته. لكن فيما توفرت للأولى شروط الذيوع، طال الأخرى الإهمال والنسيان.
شكلت أجواء الحرب العالمية الثانية بيئة مناسبة لبلورة وإنضاج مواقف سياسية متطورة في مسار الحركة الوطنية المغربية. فقد شهدت هذه الفترة المتميزة، بفعل المتغيرات النوعية التي طرأت على الساحتين الوطنية والإقليمية، انقلابا لافتا للانتباه في استراتيجية التحرير الوطني، حيث انتقلت من مطلب الإصلاحات كمدخل للاستقلال إلى مطلب الاستقلال كمدخل للإصلاحات. مما لا شك فيه أن تقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال، في 11 يناير من سنة 1944، قد شكل الترجمة العملية الأبرز لهذا التحول النوعي في استراتيجية التحرير الوطني. ولهذا الاعتبار، اعتمدت هذه الوثيقة، عبر التاريخ الذي قدمت فيه، ذكرى وطنية يحتفي بها سنويا في مجموع التراب المغربي.
لكن، إذا كان الإجماع الوطني حول مركزية هذه الوثيقة لا يشكل مجالا للاختلاف أو المعارضة، فيلاحظ أن وثائق مماثلة قد أهملت وطواها النسيان، وساد من جراء ذلك انطباع مفاده أن حزب الاستقلال هو وحده من تصدر لفكرة المطالبة بالاستقلال دون غيره من الفعاليات الحزبية الأخرى، بينما يؤكد الواقع التاريخي أن عددا من الأحزاب الوطنية قد شاركته هذه المبادرة في كلتا المنطقتين، السلطانية والخليفية.
لكن لماذا تم اعتماد وثيقة 11 يناير لسنة 1944 دون غيرها من الوثائق الأخرى التي طالها النسيان؟
يتبين، من خلال التحريات التي قمنا في عدد من المصادر التاريخية أن وثيقة 11 يناير 1944، لم تكن هي الوثيقة الوحيدة التي صدرت عن الحركة الوطنية في باب المطالبة بالاستقلال، وإنما سبقتها إلى ذلك ثلاث وثائق، وتلتها وثيقتان، أي ما مجموعه خمس وثائق، كلها جعلت من مطلب الاستقلال أحد بنودها الرئيسة.
محمد حواش
تتمة الملف تجدونها في العدد 73 من مجلتكم «زمان»، نونبر 2019