كان الطفل، باعتباره كائنا هشا، فريسة سهلة أمام الطرف الغالب في زمن استفحلت فيه الحروب والفتن، خاصة في أواخر العصر الموحدي.
تظل المعلومات عن الأطفال، خلال أزمنة الحروب والفتن في مغرب العصر الوسيط، نادرة بحكم المفقود واعتبارا لطبيعة الإسطوغرافيا التقليدية بشكل عام التي تنظر إلى الطفل باعتباره قاصرا غير مؤثر، وفق تعبير أحد الباحثين. ويبدو أن ذلك أفضى إلى إحجام الدراسات الحديثة عن طرق هذا النوع من القضايا، إلا قليلا منها وجد السبيل إلى بعض تلك القضايا من خلال المظان التي لم تكتب للتاريخ قصدا على غرار كتب النوازل والجغرافيا والرحلات والمناقب والتصوف وغيرها. ومن خلالها، تكشفت إشارات ونتف بينت أن الحروب والفتن، التي أصبحت ظاهرة بنيوية في مغرب العصر الوسيط، أثرت في أوضاع الطفل بشكل عام، وتجاوزت هذه الآثار ما هو مباشر من قتل وأسر وسبي لتصيبه في استقراره الاجتماعي والأسري ثم في تكوينه وبنائه النفسي أيضا.
إذا كان القتل والإفناء أبرز مرادفات الحرب وتعبيراتها، فإننا نميل إلى القول إن التقتيل الذي طال الكثير من الكبار لم يمتد ليشمل الأطفال في مغرب هذه المرحلة، على الأقل اعتباراً لغياب ما يثبت عكس هذا الرأي، وحسبنا أن الفقهاء وقفوا موقف الرافض الممتنع لقتل الأطفال في حالة الغزو والحرب، ومن ضمن ما أقروه «أن النهي قد ورد في قتال الأطفال والنساء نهيا مطلقا لم يخص به حالة من حالة، (…) وأما المأخوذ منهم أسيرا وقت المدافعة أو بعدها، فلا يقتل الأطفال المحقق صغرهم».
حميد تيتاو
تتمة المقال تجدونها في العدد 85 من مجلتكم «زمان»