ظهرت الطريقة الدرقاوية على يد مؤسسها مولاي العربي الدرقاوي بتطوان، ولم ينظر لها المخزن بعين الرضا، وبادر إلى محاربتها وسجن أكبر رجالاتها.
شهدت نهاية القرن الثامن عشر ثورة في التصوف الشاذلي ـ الجزولي بالمغرب، وكان ذلك بظهور طريقة صوفية جديدة أرادت أن تحدث انقلابا جذريا في التصوف بالغرب الإسلامي. لم يكن مولاي العربي الدرقاوي (المتوفى في عام 1823)، مؤسس الطريقة التي تحمل اسمه، راضيا على حالة التصوف والمتصوفين كما كانت في وقته، إذ انخرطت جل الطرق الصوفية آنذاك في المشاغل الدنيوية وأصبح شيوخها يصرفون من الوقت في استجلاب المنافع الوقتية أكثر مما يصرفون في التعبد وذكر لله. لذلك، فإن مشروع مولاي العربي الدرقاوي كان يتمثل في إحياء التصوف الشاذلي بالمغرب عبر الرجوع إلى الأسس التي بني عليها هذا التصوف في الأصل، أي الزهد في الدنيا والابتعاد عن الماديات التي من شأنها أن تشغل المريد عن سلوك الطريق المؤدي إلى معرفة الخالق. واعتبر الدرقاوي أن جوهر التصوف هو الزهد والتقشف وكسر النفس وشهواتها. وهكذا، دعت تعاليم الطريقة الجديدة إلى ترك الأسباب التي تدور حول المال والجاه، واتباع طريق التجرد والفقر ومحاربة النفس وإذلالها عن طريق ارتكاب ما هو مدان من طرف المجتمع وقيمه التي يحددها في النهاية أصحاب المال والجاه وذوو السلطة. وقد سن مولاي العربي الدرقاوي لأتباعه قواعد صارمة وأخضعهم لامتحان عسير يتجلى في العيش على القليل من الطعام ولبس المرقعة أو الرث من الثياب، وترك أعمالهم ومناصبهم.
محمد المنصور
تتمة الملف تجدونها في العدد 54 من مجلتكم «زمان»