هل هو عالم سياسة أم سوسيولوجي أم أنثروبولوجي؟ يهرب محمد الطوزي من هذه التصنيفات التي قد تقيد حريته كباحث وتحد من مساحات الخلق والإبداع. فضلا عن مساهمته الغنية التي أثرت مجال البحث العلمي في المغرب في مجالات متنوعة، كان محمد الطوزي أحد المساهمين في كتابة دستور سنة 2011. في هذا الحوار مع مجلة “زمان”، يعود الطوزي إلى تجربة “النوادي السينمائية” الثرية التي ساهمت في تكوين شخصيته، وإلى اشتغاله على موضوع الدين والتنظيمات الإسلامية كأول باحث مغربي يقتحم هذا الميدان الذي كان يعتبره الباحثون موضوعا هامشيا، وصولا إلى علاقته ببول باسكون الذي رافقه في عدد من جولات عمله الميداني قبل رحيله، بالإضافة إلى عدد من القضايا الراهنة.
بداية حدثنا عن نشأتك ومراحل دراستك الأولى؟
ولدت في مدينة الدار البيضاء، وبالضبط في حي عين الشق مع بداية الاستقلال سنة 1956. تزامن تاريخ ميلادي مع الاحتفال بعيد الأضحى، وأتذكر أن أول صورة لي كانت مع والدي يحملني مباشرة بعد ولادتي، وهو خارج من قاعة كان يشارك فيها في تمثيل عرض مسرحي بمناسبة عيد العرش. كان والدي من الجيل الوطني لمرحلة ما بعد الاستقلال الذي يؤمن بأن المدرسة طريق للترقي الاجتماعي. لذلك، فقد حرص جيدا على أن أحتك بالدراسة حتى قبل أن ألج رسميا المدرسة. في سن السادسة، ولجت مدرسة “بين المدن” جنبا إلى جنب مع الصديق حسن رشيق ونلت منها شهادتي الابتدائية بتفوق. ثم واصلت دراستي الإعدادية في إعدادية كانت تسمى “المصلى”، ثم جاءت مرحلة الدراسة الثانوية في مولاي عبد الله في بداية السبعينات. وفيها حصلت على البكالوريا.
قررت بعدها التخصص في العلوم السياسية في الجامعة. لماذا كانت هذه الشعبة تغريك؟
في الحقيقة، كل شيء حدث كان صدفة، لا يمكن القول إنني اخترت العلوم السياسية. في زمننا، لم نكن نستفيد من أي توجيه حول الخيارات المستقبلية التي يمكن أن نقوم بها بعد البكالوريا. كانت لدي رغبة جامحة في دراسة الاقتصاد أو الإحصاء، لكنني لم أتوفق وقد تأثرت قليلا بسبب ذلك. بعدها لم يكن لدي أي تصور حول الشعبة البديلة التي سأختارها. كان الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، آنئذ، مكلفا بالتواصل مع الطلبة بخصوص منحهم. كانوا يتكلفون بمهمة الاتصال بك وإخبارك بحصولك على منحة في هذه الشعبة أو تلك. وبالنسبة إلي، كانت العلوم السياسية. هكذا، أتى كل شيء عن طريق الصدفة. وأتذكر أن التكوين كان متعدد الاختصاص، بحيث كنا ندرس في حصص مشتركة مع طلبة الاقتصاد والقانون بشقيه العام والخاص. أما الشغف الحقيقي، فلن يتولد إلا أثناء الإجازة حينما كنت الأول على دفعتي.
حاوره عماد استيتو
تتمة الحوار تجدونها في العدد 56 من مجلتكم «زمان»