نجح أبو زكريا يحيى الوطاسي في الإمساك بمقاليد الحكم إلى حد أصبح يزاحم السلطان في حقوقه الشرعية.
إثر وفاة السلطان المريني أبي سعيد عثمان الثالث سنة 822هـ/1420م، عبر البيت الوطاسي عن طموحاته للاستئثار بالسلطة، وتدبير الأمور بما يخدم مصالحه، وتمكن فعليا من الانقضاض على مقاليد الحكم في الدولة المرينية، فوقع اختيارهم على عبد الحق (869-823هـ/1465-1421م)، سلطانا جديدا وهو الذي لم يكن عمره يتجاوز سنة.
اكتساب العطف الشعبي
بعد وفاة الوزير علي بن يوسف الوطاسي، برز على مشهد الأحداث الوزير والحاجب أبو زكريا يحيى الوطاسي، وهو آخر الوزراء من البيت الوطاسي الذين تولوا منصب الوزارة قبل انقراض دولة بني مرين. كانت مدة وزارته، التي لم تتجاوز سبعين يوما، مكثفة بأحداث سياسية وازنة كان لبعضها أثر بعدي. فبعدما أمسك بزمام الأمور، بذل كل ما في وسعه، من أجل الظهور بمظهر يستطيع من خلاله اكتساب العطف الشعبي، واستمالة القوى المعادية، حتى وُصِف بأنه «كان متمسكا بالدين، محبا للخير، مكرما لأهله، متخلقا بالأخلاق الحميدة والشيم المرضية.
وأسقط كثيرا من الوظائف الظلمية». كما استغل مسألة الجهاد استغلالا إيجابيا لتزكية موقعه. ولم يكتف بالهجوم على البرتغاليين بالثغور، وصد هجماتهم، بل كانت معاملته للأسرى والتجار المسيحيين بفاس سيئة جدا. على أن أهم إنجازاته، التي ما زال بعض أثرها ماثلا إلى اليوم في المغرب، إنهاؤه للقطيعة بين الدولة المرينية والشرفاء التي استفحلت في عهد السلطان السابق إثر الأزمة المالية الخانقة التي ألمت بالدولة المرينية، وقد تجلت سياسته الشريفة إعطاء أوامره ببناء زاوية الشرفاء الأدارسة بفاس مباشرة بعد “اكتشاف” قبر المولى إدريس الثاني سنة 840هـ/1437م في مسجد الشرفاء.
تتمة الملف تجدونها في العدد 63 من مجلتكم «زمان»