كيف أصبح يوم 16 ماي علامة فارقة في التاريخ المغربي. ففي هذا اليوم من عام 1930 خرج سلفيون تنويريون للتنديد بالظهير البربري ضد الفرنسيين، وفي اليوم نفسه عام 2003 خرج سلفيون، من طينة أخرى، لتفجير وقتل إخوانهم المغاربة.
ينتصب يوم 16 ماي كإحدى التجليات الكبرى لمكر التاريخ. يقتحم الذاكرة الجماعية للمغاربة مرة أولى (16 ماي 1930) عند إصدار «ظهير العدلية في المناطق العرفية» المعروف تداولا بـ«الظهير البربري». ويبدد مرة ثانية (16 ماي 2003) اطمئنان المغاربة الذين كانوا يؤمنون بـ«الاستثناء المغربي» وبالمناعة شبة الطبيعية للبلاد اتجاه التطرف الديني الذي يصرف الآيات القرآنية إلى تفجيرات حاصدة للأرواح.
تقرن الذكرى الأولى بـ«السلفية المغربية» الداعية إلى الإصلاح والتجديد ومقاومة الطرقية والتقليد، بينما تؤشر الثانية لاقتحام «السلفية الجهادية» للحقلين الثقافي والسياسي المغربيين. ونظرا لكون هذه الأخيرة جزءا من ظاهرة عصرية، سريعة الانتشار في الفضاءات العربية والإسلامية، بحكم وسائل الاتصال الحالية، فإنها في عصر العولمة تمتلك قوة الإبهار وشد الانتباه. فاختلطت الأمور على الناس وانمحى التمييز وتوارت السلفية الأولى بفعل عياء الذاكرة أو غشها، وانتصبت الثانية كأنها الوحيدة المجسدة للتراث وللهوية و«للسلف الصالح» لدرجة أن المقاربات السطحية والمتهافتة لكتبة يلهثون وراء «الفاقع» و«المثير» والصالح لـ«السكوب» حذفت النعت الجهادي مكتفية بـ«السلفية» الوحيدة الأوحد، مساهمة بذلك في بتر التراث الإسلامي من إحدى مكوناته الأساسية: المكون التنويري.
المصطفى بوعزيز
تتمة المقال تجدونها في العدد 8 من مجلتكم «زمان»