نشأ أبا حماد في رحاب القصور، وعرف كيف يتسلق المراتب إلى أن أصبح ممسكا بخيوط الحكم بعدما نجح في فرض مولاي عبد العزيز، القاصر حينها، سلطانا، حتى يمارس عليه وصايته.
تتميز شخصية أحمد بن موسى الشهير بـ«أبا حماد» بالكثير من الخصائص التي تضفي عليها طابع التفرد والتميز، لأنها شخصية الحاجب والوزير التي طبعت مؤسسة الحجابة في تاريخ المغرب بلمستها الخاصة، وصارت مرجعا عند الحديث عن أي وزير قوي ماسك بزمام الأمور بقبضة من حديد. ولأنها أيضا تشكل نموذجا للموظف المخزني الذي يتقن فن التملق والتسلق، يدبر المكائد ويزرع الدسائس ويوقع بالخصوم ليتسنى له الوصول إلى القمة.
قال عنه عبد الرحمان بن زيدان في ترجمته إنه « ذو مكايد وحيل، مستبد بالأمور (…) تدرب على الخدمة الملوكية وحنكته التجارب وعلم من أين تؤكل الكتف ».
وُلِد أبا حماد، المنتمي إلى إحدى أسر مماليك القصر السود، العريقة في الخدمة المخزنية، من أم يهودية سرى بها والده موسى سنة 1841 ونشأ في كنف والده الحاجب الشهير موسى بن أحمد في رحاب القصور السلطانية. في عهد السلطان سيدي محمد بن عبد الرحمان، تولى أبا حماد حجابة ابنه وخليفته بفاس الأمير مولاي إسماعيل، ثم تولى حجابة السلطان مولاي الحسن بعد موت أبيه، فتدرب على الخدمة السلطانية وتحنك بالتجارب، مما أهله لأن يلعب أدوارا حاسمة بعد وفاة مولاي الحسن، إذ عرف كيف يدبر أمر الانتقال السلطاني ويسلم الحكم إلى سلطان فتي تسهل الوصاية عليه لينتقل بعد ذلك إلى تصفية الحسابات مع الخصوم والمنافسين، وليصير بعد ذلك الآمر والناهي في كل ما يتعلق بسياسة البلاد، سواء الداخلية منها أو الخارجية، حاجبا الأنظار عن السلطان عبد العزيز مستبدا بحكم البلاد والعباد إلى أن وافته المنية بمراكش يوم 17 ماي 1900.
الطيب بياض
تتمة المقال تجدونها في العدد 2 من مجلتكم «زمان»