يكاد يلخص مسار الحاج علي المانوزي، الذي غادرنا في فبراير الماضي، تاريخ المغرب المعاصر، ابتداء من مقاومة البادية للغزو الاستعماري الفرنسي، مرورا بتأسيس حزب الاستقلال والمقاومة، ثم خيبة أمل الوطنيين بعد الاستقلال ومواجهتهم مع الملكية، ووصولا إلى سنوات الرصاص.
تبعث نظرة الحاج علي المانوزي، كما تظهر في صورته، إحساسا بأن الرجل ينتمي لتلك الفئة من الناس التي يمنعها الحياء والبساطة من الظهور بالخيلاء المناسب لمكانتها الفعلية في تاريخ مجتمعها. على نحو غريب تكاد تلخص هذه الصورة، المعلقة فوق بوابة مقهى “مانديلا” في الطابق الأرضي للعمارة التي كان يقيم فيها الحاج علي قيد حياته، مسار رجل استثنائي ظل بسيطا في سلوكه ومظهره رغم كافة الأهوال التي عاشها والمهام الجسيمة التي تطوع لها منذ التحاقه بالنضال الوطني ثم الديمقراطي التقدمي. لم يكن أمام الحاج علي خيار آخر غير التطوع للمساهمة في هذه المهام، هو الذي عاش سنوات شبابه الأولى على وقع الكفاح ضد الغزو الاستعماري. في منطقة آيت عبد الله بالجنوب المغربي، شهد الحاج علي آخر معركة انهزم فيها تحالف القبائل المقاومة للجيش الفرنسي وحلفائه المغاربة، واستشهد فيها والد زوجته خديجة الشاو. “لا أذكر أن والدي حكى لي يوما عن مشاركته في هذه المعارك، لكن الأكيد أن نشأته في وسط مقاوم طبعت شخصيته. من الأمور النادرة التي أذكر اليوم أن والدي حكاها لي حول هذه الفترة، أنه نبه والده يوما إلى عدم إطلاق النار من بندقيته على طائرة عسكرية فرنسية كانت تحلق فوق بيت العائلة، لأن البندقية لا يمكن أن تسقط الطائرة“، يتذكر رشيد المانوزي أحد أبناء الراحل المكتوين بنار سنوات الرصاص. تلك السنوات التي تتجسد في منتهى قسوتها من خلال سيرة هذه العائلة.
إسماعيل بلاوعلي
تتمة المقال تجدونها في العدد 6 من مجلتكم «زمان»