عرف المغرب، بعد الاستقلال، ظهور نوع من الوعي بأهمية الثقافة السينمائية، وقد ترجم ذلك في الواقع بمبادرات أسفرت عن تأسيس مجموعة من الأندية السينمائية، التي انبثقت من رحمها الجامعة الوطنية للأندية السينمائية بالمغرب في مارس .1973وبين الماضي والحاضر، يرجع بنا المختار آيت عمر، الناقد السينمائي، الذي عايش هذا الفوران السينمائي والذي وصفه بالزمن الذهبي في سبعينات وثمانينات القرن الماضي، للحديث عن سياق تأسيس الجامعة وفترة رئاسته لها خلفا لنور الدين الصايل. هنا أيضا حديث عن محطات بارزة مع رجل جاد في عمله، بذل كل ما في جهده للإسهام في هاته الدينامية التي شهدتها الحركة السينمائية بمغرب القرن العشرين.
حدثنا عن بدايات اهتمامكم بالسينما؟
أعتقد أن الاهتمام بالسينما ومشاهدة الأفلام في القاعات السينمائية كان شيئا عاديا بالنسبة للجيل الذي أنتمي إليه، فقد ولدت بمدينة القنيطرة في بداية الخمسينات من القرن الماضي، وكانت السينما حاضرة في المدن بشكل خاص، كطقس فرجوي ملازم. حتى إن مدرسة التقدم الابتدائية، التي كنت أدرس بها، كانت تعرض أفلام شارلي شابلن ولوريل وهاردي وغيرها، وبالتالي كان هذا الطقس الفرجوي ملازما لنا داخل المدرسة، لتتطور الأمور في مرحلة المراهقة بسينما “الرياض“، التي كانت قريبة من منزل العائلة، وفيها تعرفنا على الأفلام المصرية والأمريكية بشكل خاص. وتطور هذا الاهتمام مع انتقالي للدراسة الجامعية بكلية الآداب بفاس (ظهر المهراز)، ما بين سنتي 1967 و1972. وهنا توطدت علاقتي بالثقافة السينمائية من خلال النادي السينمائي سواء بفاس أو بالقنيطرة. وللإشارة فمدينتي آنذاك كانت تتوفر على ست قاعات سينمائية تعرض جلها للهدم، وتحولت إلى عمارات سكنية ومحلات تجارية، ولم يبق منها شاهدا على مرحلة ازدهار السينما إلا أطلال قاعة سينما “بالاص“ التي مارس فيها النادي السينمائي أنشطته على مدار أكثر من أربعين سنة.
كيف كان العمل بالنادي السينمائي بالقنيطرة؟
بداية وجب الإشارة إلى أن النادي السينمائي بالقنيطرة هو عضو مؤسس للجامعة الوطنية للأندية السينمائية بالمغرب، فهو من الأندية الحاضرة في الجمع العام الاستثنائي المنعقد بالرباط بتاريخ 11 مارس ،1973 والذي انبثق عنه قانون أساس جديد، وأول مكتب جامعي برئاسة الأستاذ نور الدين الصايل. في عام ،1972 اشتغلت بالتدريس في القنيطرة، وكنت منخرطا بالنادي السينمائي ومسهما فعالا في الحضور والنقاش وفي مختلف الأنشطة، وذلك إلى حدود دجنبر ،1973 حيث تم اعتقالي بتهمة تأسيس جميعة للطلبة بصفة غير قانونية والمؤامرة ضد أمن الدولة الداخلي، وأفرج عني مؤقتا في نهاية أبريل .1975 هنا عادت علاقتي بالحركة الثقافية والجمعوية بالمدينة وخصوصا النادي السينمائي. وبعد صدور الحكم ببراءتي من التهم المنسوبة إلي، أصبح بإمكاني أن أتحمل، داخل المكتب المسير للنادي، مسؤولياتي القانونية بشكل عادي. وهنا أشير إلى أن النادي السينمائي بالقنيطرة كان من بين النوادي الفعالة في الجامعة، إذ كان يبرمج ثلاث دورات سينمائية في السنة، وينظم أسابيع سينمائية ودورات تكوينية، ويشارك في الجموع العامة، وقد فاق عدد المنخرطين به 700 منخرط.
تتمة الحوار تجدونها في العدد 97 من مجلتكم «زمان»