استعمل بنو مرين النقود كوسيلة دعائية لزعزعة حكم الموحدين، ويبدو أن أبا يحيى أبي بكر بن عبد الحق، رابع أمراء المرينيين، رسم خطته بوضوح في استغلال سلاح النقود.
على مدى قرون طويلة، وظف الإنسان النقود في حياته اليومية. ومؤكد أنها لعبت دورا مهما في تسهيل المعاملات التجارية، من بيع وشراء وتبادل…، نظرا لمكانتها كوسيط له قيمة أدائية، فهي وسيلة تقاس بها قيمة البضائع والسلع والخدمات. لم تتوقف مكانة النقود في الميدان الاقتصادي وداخل الأسواق التجارية، حيث تعتبر من أهم الركائز التي تستند عليها الدولة القائمة لكونها مرآة صادقة وشفافة عن مدى درجة قوة نظامها الاقتصادي والمالي، بل تجاوزتها لتطرق باب السياسة بقوة، إذ تعد من أنجع الوسائل في تمرير النظام لخطاباته السياسية والمذهبية، فالنقود كما يقول رشيد السلامي: «كانت تشكل دائما وسيلة إعلامية ودعائية بالغة الأهمية بالنسبة للسلطة الحاكمة بهدف تدعيم موقعها السياسي، وتمرير خطابها الإيديولوجي والتعبير أحيانا عن الطموح إلى الخلافة». ومن أجل بلوغ هذا المقصد، استغلت دوائر النقود كوسيلة دعائية لخدمة مصالح الدولة الحاكمة، حيث دخلت ضمن معادلاتها السياسية والاقتصادية. ولا يجب الانخداع بصغر قطر الدنانير والدراهم والفلوس، إذ أن حجمها لم يكن يسمح بكتابة فقرات طويلة توضح الغاية من تلك الخطابات وتفصح عن المقصود منها بشكل صريح، لكن كثرة تداولها بين الأفراد وسرعة انتقالها داخل مجال الدولة أو خارجه، وحتى وسط الرقعة المتصارع عليها، منح تلك الخطابات والرسائل الممررة بواسطة النقود ولو على صغر مضمونها إمكانية الانتشار على نطاق واسع، والوصول إلى أكبر عدد من الرعايا وحتى من الخصوم، وجذب انتباههم، ولِم لا، كسب ولائهم.
عبد الرحمان أمل
تتمة المقال تجدونها في العدد 14 من مجلتكم «زمان»