يعتبر جرمان عياش من الرعيل الأول الذي درس مادة التاريخ في الجامعة المغربية، رغم أن التاريخ لم يكن يثير اهتمامه في البداية، بل صنعته الصدفة.
ولد جرمان عياش بمدينة السعيدية سنة 1915 من أسرة مغربية يهودية، من قبيلة أيت عياش في حوض ملوية، ونشأ في مدينة بركان. بدأ دراسته الأولى بهذه المدينة، وقضى قسطا من دراسته الابتدائية بتلمسان قبل أن ينتقل إلى وجدة، وأتم دراسته في الرباط. خلال هذه المراحل جميعها، تابع دراسته في التعليم الفرنسي. انتقل بعهدها إلى فرنسا وتحديدا إلى بوردو لاستكمال دراسته، فحصل على التبريز في الآداب الكلاسيكية الأوروبية (اللاتينية واليونانية) بتفوق، وكان حينها أصغر مبرز في فرنسا برمتها، فلم يكن سنه يتجاوز الواحدة والعشرين. و«كثيرا ما كان يتغنى بأبيات هوراس، لأنه كان ماهرا في اللاتينية تمام المهارة، ويذكر في أحاديثه بأقوال هوراس وتاسيت إلى غير ذلك من الكتاب الرومان». كما بدأ عياش مسار دراسته باللغة الفرنسية أتمه أيضا، ولم يتعلم اللغة العربية إلا بعد 1950 بإصرار وعصامية، فأتقنها بكفاءة واقتدار. لقد كان عياش إنسان البحر الأبيض المتوسط بامتياز، وفق الأستاذ إبراهيم بوطالب، «لأنه كان يحمل إرث الضفة الجنوبية وإرث الضفة الشمالية على نفس الدرجة من الإتقان والدراية. فلكونه يهوديا، كان يحمل التراث العبري، ولكونه مغربيا، كان يحمل الثقافة العربية وما امتزج بها من التقاليد الأمازيغية». ولكونه أتقن اللاتينية واليونانية، فقد حمل إرث الضفة الشمالية.
محمد ياسر الهلالي
تتمة الملف تجدونها في العدد 50 من مجلتكم «زمان»