توافد مغامرون بريطانيون على سواحل طرفاية، مما أسفر عن إنشاء ”دار البحر”، وذلك طمعا في فتح أسواق تجارية أجنبية، استقطبت الأهالي، واستقبلت بضائع القوافل التجارية الصحراوية، غير أن غضب السلطان حرك بعض القبائل مما أفشل تلك المخططات.
قامت العلاقات السياسة البريطانية مع المغرب، خلال القرن التاسع عشر، على أساس السعي الحثيث من هذه القوة الأوربية العظمى لصون استقلاله، والتصدي لكل ما من شأنه أن يمس بحريته، فحذرت الفرنسيين، الذين اجتاحوا الجزائر سنة 1830م، من أي تجاوز أو تفكير في استهداف الأراضي المغربية، بل إنها تدخلت بحزم بعد انهزام جيوش السلطان في معركة إيسلي سنة 1844م لتقف في وجه زحف القوات الفرنسية على فاس. لم تُسْتَثْنَ إسبانيا من ردع الدبلوماسية البريطانية التي لم تدخر جهدا في التخفيف من الاحتقان وتذويب الخلاف بين القوة العسكرية الإسبانية المتحصنة بسبتة ومليلية والقبائل المغربية المحيطة بها، وذلك لتفادي اندلاع الحرب بين الطرفين، غير أنه بعد أن فُرض خيار المواجهة بين المغرب وإسبانيا، بذلت بريطانيا جهودا كبيرة حصلت من خلالها على ضمانات من الحكومة الإسبانية بإخلاء تطوان والحفاظ على استقلال طنجة، والاكتفاء بتغريم المغرب مبلغا ماليا ضخما بعد أن تضع الحرب أوزارها.
عبد المالك ناصري
تتمة المقال تجدونها في العدد 124 من مجلتكم «زمان»