أولى المرابطون لذكر الحاكم والدعاء له في خطبة الجمعة أهمية خاصة باعتباره رمزا دالا على اعتراف ما ذي قيمة معينة.
للسلطة السياسية مكانة خاصة في عقلية الرعية، وتستعمل هذه السلطة رموزا وصورا تمثلها وتعبر عنها. وتمثل هذه الرموز عناصر مهمة وضرورية للسلطة السياسية التي تتشبث بها تأكيدا لسلطتها وحكمها، لأن الرموز، من قبيل الألقاب والنقود وغيرهما، تمثل تلك السلطة، وتعبر عن السلطة التي يتمتع بها الحاكم، وتعمل على تركيز سلطة الحاكم في عقل الرعية. والرعية بدورها لا يمكن أن تتقبل وجود السلطة السياسية الحاكمة إلا مصحوبة بتلك الصور والرموز التي تنتجها تلك السلطة أو تحاط بها، فهي بمثابة سلطة معنوية تسهم في خضوع الرعية وامتثالها للسلطة الحاكمة. وَحُق لبيار بورديو أن يصف السلطة الرمزية بـ«السلطة السياسية شبه السحرية التي تمكن من الحصول على الأشياء نفسها التي جرى الحصول عليها بالقوة». فمن غير سلطة رمزية، لا يمكن لأي سلطة سياسية أن تحيى حياة طبيعية، لأنها جزء حيوي من السلطة التي يمارسها الحكام على الرعية.
في الزمن المرابطي
لقد كان المجتمع خلال العصر المرابطي يعرف، بشكل مباشر أو غير مباشر، أن بجانب السلطة السياسية الفعلية التي يمتلكها الحكام سلطة رمزية تختص بصاحب السلطة السياسية، من كثرة الجند، ونقود متداولة، وذكر للحاكم في خطب الجمعة، واللقب الذي يتميز به، إضافة إلى أدوات أخرى ينفرد بها الحاكم، يسميها ابن خلدون بـ”الشارات” ومنها الألوية والرايات والطبول والسرير (كرسي الحكم)، وثياب الحاكم وغيرها.
عز الدين جسوس
تتمة الملف تجدونها في العدد 75 من مجلتكم «زمان»، يناير 2020