برع صالح الشرقي في العزف على آلة القانون، رغم أن طفولته القاسية لم تكن تؤهله لذلك. رحلة في سيرة رجل عصامي دخل ريبرتوار الأغاني العربية الخالدة.
لم يكن الطفل صالح الشرقي الشرقاوي يعتقد أن برحلته من مسقط رأسه في سلا إلى مدينة الدار البيضاء في عام 1930، وهو لم يتجاوز السبع سنوات، كان يكتب مصيره بنفسه. قبل ذلك بسنتين، كان قد فقد والديه تباعا، وتعهد شقيقه الأكبر المعطي برعايته في البداية، غير أن قلة ذات اليد، دفعته إلى ركوب أول حافلة حطت بسلا بحثا عن أطفال يتامى وفقراء من أجل الإقامة والتعلم في ملجأ خيري افتتح، حينئذ، بمنطقة الأحباس في الدار البيضاء.
في البدء كان العود
وجد صالح الشرقي نفسه غريبا داخل الملجأ الخيري، وراوده «الخوف الدائم مما يخبئه القدر ومما سيكون عليه المستقبل»، كما قال في مذكراته، غير أنه لم يكن أمامه إلا وضع الأمور بين يديه. وهناك في الملجأ البعيد عن الإخوة وأصدقاء الصبا في السوق الكبير بمدينة سلا، بدأ يتعلم تفكيك أبجديات الكتابة والقراءة في الصباح، ويجرب حظه مع الموسيقى في المساء تحت إشراف “لَمْعَلَّم” أحمد زنيبر العازف على الكمان والمتمكن من أصول الموسيقى الأندلسية، الذي اعتبره صالح الشرقي نبراسا له وأبا روحيا شمله بالرعاية والعطف.
عمر جاري
تتمة الملف تجدونها في العدد 49 من مجلتكم «زمان»