منذ 52 سنة، ما يزال رفات محمد بن عبد الكريم الخطابي يرقد في مقبرة الشهداء بالقاهرة. لم يفلح محمد الخامس في إقناعه بالعودة عندما زاره في يناير 1960، وفشل الحسن الثاني في إقناع أبنائه بنقل رفاته، واليوم ما تزال الأسرة لم تتفق حول قرار موحد. في فيلا «أنوال» بالدار البيضاء، والاسم أكثر من معبر، تحكي ابنته عائشة الخطابي قصة وساطات الوزاني والطريس والخطيب وعبد الله إبراهيم الفاشلة، ووسيط الحسن الثاني: المنصوري بنعلي.
استقر محمد بن عبد الكريم الخطابي في القاهرة منذ 1947. هل كانت لديه النية للعودة إلى المغرب في حياته؟
بالتأكيد. كان يعيش طوال حياته على أمل العودة إلى المغرب، لدرجة أننا لم نكن نتصور أنه سيموت قبل أن يرجع إلى المغرب. لكن الظروف لم تسمح بذلك. في كل مرة، كنا نقول: ربما العام المقبل تتحسن الأمور ونعود إلى المغرب. للأسف الشديد لم يمهله الأجل لتحقيق هذه الأمنية.
في يناير 1960، جرى في القاهرة اللقاء الأول والأخير بين والدكم محمد بن عبد الكريم الخطابي والملك محمد الخامس. هل طرحت مسألة العودة في هذا اللقاء؟
فعلا، زارنا محمد الخامس في منزلنا في القاهرة. فبمجرد ما وصل مصر أكد لمرافقيه أنه سيزور محمد بن عبد الكريم الخطابي في داره. استقبله والدي مع إخوتي في إحدى الغرف ودار بينهم حديث مطول. خلال اللقاء، طلب الملك من والدي أن يرانا نحن البنات أيضا. نزلنا إلى حيث يوجد الملك على أساس الانسحاب بمجرد السلام عليه، كما أمر بذلك والدي. حاول محمد الخامس التأثير علينا كذلك من أجل العودة إلى المغرب. وقال لي أنا شخصيا: ابنتي يجب عليك أن ترجعي إلى المغرب، صحيح أن مصر بمثابة بلاد لك، لكن عليك العودة إلى المغرب فهو بلدك، أبواب القصر مفتوحة في وجوهكم. بعد مغادرة محمد الخامس، بقي والدي يفكر في الموضوع، لكنه قدر أن الوقت لم يكن ملائما للعودة، إذ إن البلاد كان فيها نوع من «الفوضى» حينها، ويتعرض فيها البعض للاختطاف. لذلك اعتبر والدي أنه لا يوجد بعد استقرار في المغرب، ففضل البقاء في مصر يومها. ولهذا السبب لم يدخل للأسف إلى المغرب في حياته، إذ إن الأجل لم يمهله طويلا. وحتى محمد الخامس توفي بعد عام واحد فقط من ذلك اللقاء
تتمة الحوار في العدد 17
حاورها خالد الغالي