يعود ارتباط المغاربة بما يجري على أرض فلسطين إلى عصور غابرة، فقبل أن تشهد القدس ما شهدته في العقود الأخيرة، كان للمغاربة ارتباط وثيق بالمدن الفلسطينية بسبب استقرار عائلاتهم بالشام منذ العصور الوسطى.
ينصب الحديث عن علاقة المغاربة بفلسطين خلال العصر الحديث على علاقتهم بأرض الشام عموما؛ فقد كانت هذه الأخيرة تضم الأراضي الفلسطينية التي تتبع لولاية دمشق إبان الحكم العثماني .لذا، ورغم مكانة القدس لدى المغاربة واستقرارهم المبكر هناك، فإن ارتباطهم بالمجتمع الفلسطيني يرتبط كذلك بالمناطق المجاورة، مثل دمشق وبيروت ومصر.
بعد نهاية العصر المملوكي وبداية الحكم العثماني، استقرت أعداد كبيرة من المغاربة بالشام وبفلسطين تحديدا ما بين القرنين 16 و19م .وكانت تلك الأعداد مندمجة ومتأثرة بعادات الشاميين ولباسهم مع حفاظهم على عادات المغرب وتقاليده بحسب ما تحكيه لنا كتب الرحلات، كرحلة أبو سالم العياشي في وصف مدن غزة والرملة والقدس والخليل، ووصف الرحالة المكناسي لمدن عكا ونابلس والقدس.
تجذّر ارتباط المغاربة بالبلدان والمدن المشرقية (كمصر والقدس) بفضل رحلات الحج، بحيث كانت وفود عديدة من الحجاج يقصدون بيت المقدس خلال توجههم إلى أرض الحجاز؛ فالكثير من الحجاج الأندلسيين والمغاربة، لا سيما قبيل الاحتلال الصليبي للسواحل الشامية، كانوا يستهلون حجهم بزيارة مدينة بيت المقدس، ثم يكملون طريقهم لتأدية فرائض الحج. وبحسب ما تفيد نصوص الرحلات المغربية عن أوضاع فلسطين، فقد أسهم «احتكاك الرحالة المغاربة بالمجتمع الفلسطيني في الحواضر والبوادي واندماجهم فيه، في التعرف على هذا المجتمع وعوائده ومنظومته الأخلاقية والثقافية».
غسان الكشوري
تتمة المقال تجدونها في العدد 122 من مجلتكم «زمان»