في يوم 7 أبريل، فوجئ المغاربة بقرار تعيين عثمان الفردوس وزيرا جديدا للثقافة والشباب والرياضة خلفا للوزير الحسن عبيابة، الذي أسقطه “سوء التواصل مع الصحافة”، وأشياء أخرى. ويبدو أن الوزير الجديد يدرك جيدا أهمية التواصل بشكل عام، لا سيما في هذه الظرفية الصحية، بحيث يمنح نفسه فرصة لإعادة إثبات كفاءته، التي ربما لم تتح له في حكومة العثماني سنة 2017.
بعد سبعة أيام فقط من تعيينه وزيرا، كتب عثمان الفردوس يوم 14 أبريل، على صفحته بـ”فيسبوك”: «يجب دعم الصحافة التي تعاني في هذه الفترة الحاسمة. هذا الدعم يبدأ أولاً بتصفية الملفات المعلقة. تأخر جزء من دعم صحافة 2019 لمدة 4 أشهر تقريبا. وبفضل حشد طقم قطاع الاتصال، تمكنا اليوم من فتح الوضع الإداري لرصد 2,77 مليون درهم». كانت هذه التدوينة من أربعة أسطر، قادرة على قلب الأوضاع ورسم آمال حول مستقبل الصحافة، ومستقبل مهام الوزير كذلك. ألقي على عاتق الفردوس (41 سنة)، المنتمي لـ”الاتحاد الدستوري”، عبء وزارتين سابقتين: الثقافة والشباب والرياضة. واستغل الوزير مدة شهرين لكي يقسم برامجه بين هذه المجالات بكل فروعها، وأطلق برنامجا استثنائيا يقدم من خلاله دعم مالي للقطاعات الأكثر تضررا، على رأسها السينما والكتاب والمسرح والاهتمام بالمخيمات، وتسوية أوضاع العاملين بشكل ذاتي أو مقاولات. كما خصص جزءا من الدعم السنوي لسنةً 2020 لتحمل كلفة الأجور لقطاع الصحافة (التي كانت تابعة لقطاع الاتصال الآفل). لكن يتساءل العديد من الناس: لماذا هذا النشاط والحركية لهذا الوزير في غضون أيام قليلة؟ هل لو كانت الظروف بدون جائحة كورنا، هل كان سيستنهض القطاعات ويسارع لحل تلك المشاكل العالقة؟ وهل يحق أن نصفه بالوزير “الاستثنائي” مقارنة مع من سبقه، أم أن الظروف هي التي تعتبر استثنائية ويتحتم على الوزير أن يواجهها؟
أسئلة تستوجب الوقوف عند تحركات الوزير، فبالإضافة لتكوينه المتنوع بين الصحافة والتدبير المقاولاتي، يعرف الفردوس جيدا أهمية التواصل والصحافة. فقد سبق له أن برز، قبل عقد من الزمن، بين المؤثرين وأصحاب الأفكار الرائدة، عندما أطلق مشروعا لتصفح الصحف والدوريات عبر الاشتراك في الأنترنت. كما أنه يعي جيدا دور التواصل الافتراضي، في هذه الظروف الصحية أو في غيرها. وخير دليل هو صفحته على “فيسبوك”، حيث نجد تدوينات بالدارجة المغربية، تجنبه من اتهامه بـ«الفرونكوفوني المتعالي» كما يُفعل بالآخرين.
في هذه الظرفية الصحية التي تمر بها البلاد، ولكي لا يقع له ما وقع لسلفه عبيابة، استطاع الفردوس أن يروّج لنفسه بطريقة ذكية، عبر تدوينات “تبشر” (ولا تنفر) باللغتين العربية والفرنسية، قبل أن تصدر من وزارته، مما جعله محط أنظار الجميع «ورجل المهمات الصعبة». لكن على الرغم من عزم الفردوس على إطلاق مبادرات تستحق التشجيع، إلا أن البعض لاحظ أن الوزير يشير أو يستغل عند كل بلاغ تقريبا، لوزارته، محاولة “تصحيح أخطاء سلفه”. وهو ما قام به بالفعل: كإعادة تنشيط الصندوق الوطني للعمل الثقافي، أو تصفية متأخرات الدعم للنشر والكتب، وكذلك تصفية الملفات العالقة لدعم الصحافة.. وغيرها. هذا بطبيعة الحال لا يمكن استنكاره ولا منعه كيفما كانت الظروف أو النوايا.
في شأن متصل، يلاحظ أيضا، أن رئيس الحكومة سعد الدين العثماني ينشر على صفحته بلاغات وأخبار وزارات أخرى.. لكنه لم ينشر قط ما يتعلق بالوزير عثمان الفردوس، ولو تلك القرارات التي كانت مبشّرة للقطاع ككل، وتعتبر قرارات استثنائية في ظروف استثنائية. ربما يقول العثماني في نفسه: «الفردوس فران وقاد بحومتو».. أو ربما قطاع الثقافة غير مهم في نظر الرئيس !