انفجار أربع راجمات بسمارة على حي سكني، ومقتل مواطن وجرح اثنين جروحا خطرة، ورابع بجروح طفيفة، عدوان آثم، على المواطنين وسلامتهم وسكينتهم. ننتظر طبعا نتائج التحقيق الذي أمرت به النيابة العامة بمدينة العيون، ولكن بلاغ السلطات من خلال التحقيقات الأولية، أبان أن الانفجارات مصدرها ميلشيات جبهة “البوليساريو“ التي أطلقت ثلاثة صواريخ من نوع “MB Grad” روسية الصنع، صوب مدينة سمارة، و“البوليساريو“ نفسها تبنت العملية وصورت بعض فصولها، وفاخرت بها، فلا مكان للتكهن أو ضرب أخماس في أسداس.
لقد انتقلت “المينورسو“ إلى عين المكان، وهي المؤتمنة على تنزيل مخطط التسوية، وحجر الزاوية منه هو وقف إطلاق النار، لكن المسألة أبعد من خرق وقف إطلاق النار، لأن التفجير استهدف مدنيين، واستهداف المدنيين الأبرياء العُزّل، يعني بكلمة واحدة أنه عمل إرهابي، وأن الجهة التي وراءه سواء أكانت كما تنعت نفسها تنظيم الداخل أو المخيمات، باقترافها عملا إرهابيا، لا يمكن أن تسلم من نعت جماعة إرهابية.
لا يمكن إلا أن نبتهج لما ورد في تقرير منظمة الأمم المتحدة الأخير حول الوضع في الصحراء، وما ورد فيه عن الطرف الذي يعرقل، وسبل الحل، ولا يمكن إلا أن نبتهج لموقف الأطراف الوازنة في مجلس الأمن، ولكن على “المينورسو“ أن تذهب أبعد منذ الآن، أمام التطور الذي عرفه ملف الصحراء، على الأرض، بترويع المدنيين، واستعمال سلاح الإرهاب البغيض.
نحن أمام تطور خطير في المنطقة، شبيه بأذرع بعض الدول في الشرق الأوسط التي تحركها بعض الدول بالوكالة، وفق أجندتها، وسياقات زمنية معينة، كما في اليمن ولبنان. تحمل توجهها، وأسلوب عملها. وينبغي للمنتظم الدولي أن يقف عند هذا التطور الخطير الذي من شأنه أن يهدد الأمن والاستقرار في منطقة شمال غرب إفريقيا ولا يمكن لـ“المينورسو“ أن تتنصل من مسؤوليتها في الكشف عن هذا الانزلاق. السياق الإقليمي والعدوان، الذي تتعرض له غزة، ليس بغريب عن هذا العمل الأهوج، وهو السعي للتماهي مع القضية الفلسطينية، لكنها قراءة خاطئة، لأن الشعب المغربي عن بكرة أبيه يساند القضية الفلسطينية منذ ،1948 وعبّر في مختلف المحطات عن وقوفه إلى جانبه، آخرها المظاهرات بمناسبة العدوان على غزة وعلى المدنيين منها، وشجبه للتقتيل الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني والدمار الذي يطاله .المطابقة، التي يريد البعض أن يجريها ما بين الشعب الفلسطيني وشرذمة في خدمة أجندة مكشوفة، واهية، يفندها تاريخ المغرب، وواقع الحال في الصحراء، وإدراك المنتظم الدولي، فليست الصحراء مغربية فقط، بل المغرب صحراوي، كما قال المرحوم أحمد العلوي مرة، منها يستمد عمقه وجذوره ونسغه .بيد أن العمل العدواني الذي تعرضت له السمارة موفق في شيء، هو تماهيه مع حركات تعمل خارج الممارسة الدولية، وتتعرض إلى الأبرياء، في حيواتهم وممتلكاتهم، وبتعبير أوضح، مع حركات إرهابية، وأسفر عن هويته.
العمل إرهابي، والحركة التي اقترفته لا يمكنها منذ اليوم أن تفلت من نعت الإرهاب، وقيادتها من المضاعفات القانونية والمسؤولية الجنائية المترتبة عن عمل إرهابي.
في هذا الظرف الدقيق، نشجب أي مطابقة بين حركة اقترفت عملا إرهابيا والقضية الفلسطينية العادلة. في هذا الظرف الدقيق نُعبر مجددا في هذا المنبر عن مساندتنا للشعب الفلسطيني، ونندد بالإبادة التي يتعرض لها، دفعا لأي لبس أو خلط. في هذا الظرف نجدد رفضنا للإرهاب، ونلتف جميعا ضد هذه الآفة، وندعم عمل القوات العمومية لكل ما يتهدد سكنية المواطنينّ وسلامتهم وسلامة ممتلكاتهم. في هذا الظرف الدقيق نجدد موقفنا من وحدتنا الترابية، ونرفض أي مساومة فيها، ونتعبأ، للدفاع عنها، ضد من اقترفوا هذا الفعل الآثم، ومن وراءهم. نهمس في أذن قيادة البوليساريو أنها أخطأت الوسيلة، والسياق والزمان، وأنها من حيث لا تدري وقعت قرار موتها. أما الآخرون فحذار، فإن النار بالعودين تُذكى. نقول ذلك ليس خوفا، بل عن مسؤولية، حقنا للدماء، وإبقاء للحمة المستقبل.
حسن أوريد
مستشار علمي بهيئة التحرير