بالاطلاع على دستور 2011نجد أنه منح المعارضة البرلمانية مكانتها الفعلية في المشهد السياسي المغربي، وضمن لها حقوقا ومكتسبات .لكننا عندما نقرأ الدساتير الخمسة السابقة، نجد أنها لم تعترف بوجود معارضة داخل البرلمان، بل حتى إن مصطلح ”المعارضة” غاب عن فصولها. في المقابل، وعلى مستوى الممارسة السياسية، ورغم غياب التنصيص عليها، ظلت المعارضة، داخل البرلمان وخارجه، عائقا للحكومات وللسلطة الحاكمة على حد سواء.
إن غياب التنصيص على المعارضة في دساتير المملكة، ما عدا دستور 2011، يجعلنا نتساءل: ألم تكن هناك معارضة برلمانية خلال كل الولايات التشريعية ما بين 1963 و1997؟ هذا أمر غير ممكن؛ إذ كيف تغيب المعارضة البرلمانية في ظل وجود معارضة سياسية؟ إذن، كيف اشتغلت المعارضة داخل البرلمان بالرغم من عدم الاعتراف بها دستوريا؟
قد يبدو أن المشرع سمح في الدساتير السابقة لـ“الأقلية البرلمانية“، بشكل غير صريح، أن تبدي اعتراضها على عمل الحكومة عبر مساءلتها أو بالدفع بملتمس الرقابة.. لكن حرية تلك “الأقلية“ ظلت منوطة بحصولها على أصوات الأغلبية بالمجلس، أي ظلت “المعارضة” مقيدة خلال كل الولايات التشريعية التي نحن بصدد دراستها.
ساعدت بعض العوامل في “نجاح“ معارضة الأحزاب واستمرارها داخل البرلمان، على الرغم من اختلافها السياسي والإيديولوجي، أهمها أن نخبها السياسية تتوفر على مسار نضالي مشترك ضد الاستعمار في فترة ما قبل استقلال المغرب، الأمر الذي وفر لها ظروفا مواتية لتنسيق مبادراتها الرقابية في مواجهة الحكومات المتعاقبة، فبقيت مجتمعة إلى غاية تشكيلها لحكومة التناوب التوافقي 1998 كما يقول الباحث حسن المزدوي .خلال مسيرتها الطويلة التي امتدت لحوالي أربعة عقود، تأثرت المعارضة البرلمانية بعاملين: الأول أنها ظلت محكومة بسياقات وظروف سياسية مرت بها البلاد، والثاني هي إجراءات وتعديلات دستورية قام بها المشرع، أضعفت من تمثيليتها بالبرلمان. وفي خضم هذين العاملين، أي الظروف السياسية والتعديلات الدستورية، ظلت المعارضة البرلمانية في صراع طويل ومد وجزر مع أصحاب الحكم والقرار في البلاد.
غسان الكشوري
تتمة المقال تجدونها في العدد 110 من مجلتكم «زمان»