حققت الدولة المغربية طفرة إصلاحية في ظرف وجيز، من خلال القوانين والتنظيمات التي جاءت بها الحماية. لكن هذه الإصلاحات العصرية حافظت على التقاليد القديمة.
قد يكون إصلاح الدولة المغربية على يدي أعدائها، من أغرب مفارقات تاريخ البلاد. بعدما كانت مواجهة الأطماع الأجنبية باعثا من بواعث الإصلاح خلال القرن التاسع عشر، أصبح هذا الإصلاح ذريعة من الذرائع التي برر بها الفرنسيون فرض الحماية على المغرب، وصار إصلاح المخزن بندا أساسيا من بنود عقد الحماية. هكذا كان أصل التحديث الذي أدخل على الدولة المغربية نابعا من لحظة الضعف والانحلال الأخطر في تاريخ الأمة، لحظة الاستسلام “الرسمي” للاستعمار بالتوقيع على معاهدة الحماية سنة 1912.
“إن جلالة السلطان وحكومة الجمهورية الفرنسية قد اتفقتا على تأسيس نظام جديد بالمغرب، مشتمل على الإصلاحات الإدارية والعدلية والتعليمية والاقتصادية والمالية والعسكرية التي ترى الحكومة الفرنسية في إدخالها نفعا للإيالة المغربية. سيحافظ هذا النظام على الحالة الدينية، وعلى حرمة السلطان، وسلطتة التقليدية وكذا على مباشرة الشعائر الإسلامية والمؤسسات الدينية ولا سيما منها مؤسسات الأحباس. كما يحتوي هذا النظام على إدخال إصلاح على المخزن الشريف وجيشه”، حسب ما نص على ذلك الفصل الأول من عقد الحماية.
يشمل هذا الطموح “الإصلاحي” كذلك المنطقة الخليفية التي كانت منحت لاسبانيا، إذ تنص معاهدة الحماية بهذا الخصوص، على أن “تتفاوض حكومة الجمهورية الفرنسية مع الحكومة الاسبانية في شأن المصالح المنجزة لهذه الدولة من جراء موقعها الجغرافي وممتلكاتها الترابية الكائنة بالساحل المغربي”. وقد باشرت اسبانيا بدورها تأسيس إدارة عصرية في المناطق التي كانت تحتلها، خاصة في الشمال.
إسماعيل بلاوعلي
تتمة المقال تجدونها في العدد 24 من مجلتكم «زمان»