يعتقد علماء أن الطاعون ربما يكون ظهر منذ 3000 أو 4000 سنة، وتسبب في ثلاثة أوبئة في التاريخ المكتوب، وفق ما تضمنه كتاب “الوباء في عالم القرون الوسطى: إعادة التفكير في الموت الأسود” الصادر مؤخرا، ضمن منشورات “جامعة أمستردام” الهولندية، للباحثة مونيكا غرين.
ويبدأ الكتاب بالإشارة إلى وباء الطاعون الجستيني (أو الأول)، الذي يعود تاريخه إلى 541-750 ميلادية. ثم الموت الأسود (جائحة الطاعون الثاني) الذي ضرب في أربعينات القرن الرابع عشر وقد انتشر في أوربا وقتل ثلث سكانها، قبل أن يمتد إلى شمال إفريقيا، ويقتل الآلاف. وكان هذا الطاعون، الذي يعد أحد أشد الأوبئة فتكا في التاريخ، قد وصل، أيضا، إلى المغرب، وخاصة فاس، وتصفه الأدبيات الشعبية بالطاعون “لَكْحَل”. فيما يعود تاريخ وباء الطاعون الثالث إلى حوالي عام 1894، واستمر حتى ثلاثينات القرن العشرين.
يتناول الكتاب كيف أدت الخسائر السكانية إلى تغييرات ديمغرافية واقتصادية وسياسية واجتماعية هيكلية، كما يبحث في أسباب وكيفية حدوث الوباء، ومتى وأين وكيف استمر، ما هو مداه الجغرافي الكامل ومتى انتهى حقا.
ويعد الكتاب، حسب الاختصاصيين، أول عمل يجمع بين الأدلة القديمة وأساليب البحث الجديدة الكفيلة بتقديم إجابات حاسمة على هذه الأسئلة العالقة. استندت الباحثة الهولندية، في كتابها، إلى دراسات أجراها علماء في حقول العلوم الإنسانية والاجتماعية والطبية في محاولة منهم للإجابة عن سؤال كيف يمكن علم الوراثة وعلم الحيوان وعلم الأوبئة أن يساعد على إعادة التفكير في أسباب ومسببات الانتشار العالمي للموت الأسود عبر تاريخ البشرية، واستمراره في الظهور رغم تقدم وتطور العلوم.