احتفل بعض المشاركين في مظاهرات حركة 20 فبراير بالذكرى الرابعة لميلادها الشهر الماضي. كما جرت العادة كل سنة تطرح مجددا نفس الأسئلة: لماذا تراجعت الحركة؟ هل أخفقت؟ هل كان بإمكانها أن تحقق أكثر مما كان؟ تبدو مثل هذه الأسئلة عقيمة في السياق المغربي. من يتحسر على التراجع أو الإخفاق يفترض أن الحركات العفوية يمكن أن تحقق ما لا قبل لها به. ما لا تستطيع تحقيقه سوى الحركات المنظمة، في شكل أحزاب أو جبهات تجمع منظمات حزبية ونقابية وغيرها، وهو ما لم يكن قط شأن حركة 20 فبراير.
في المقابل، يبدو سؤال «من المستفيد؟» مما حققته الحركة بناء أكثر. لنستحضر التقاطب السياسي الرئيسي في المغرب بين المحافظين والإصلاحيين. لنتذكر أن هذا التقاطب اخترق حركة 20 فبراير ذاتها، وجعل الاتفاق حول حد أدنى من مطالبها ممكنا، بينما الاتفاق حول التحديد الدقيق والعلني للحد الأقصى لتلك المطالب مستحيلا.
كان حزب العدالة والتنمية المعبر الأساسي عن الفريق المحافظ في سياق 2011، من خلال مواكبته السياسية لحركة 20 فبراير رغم عدم مشاركته فيها، وصلة الوصل بينها وبين حلفائه الآخرين في بعض دوائر السلطة والاقتصاد. الخيط الناظم بين الفئات المتعددة والمتناقضة التي عبر عنها هذا الفريق المحافظ، داخل وخارج الحركة، هو برنامج الأصالة والمعاصرة. مغرب عصري في ظاهره وبنيانه المادي، محافظ على ملكيته التنفيذية (ولو حل محل الملك خليفة راشد على المنهاج النبوي) وقيمه التقليدية. أما هدفه الرئيسي فلم يكن سوى قطع الطريق على الحزب الذي يحمل نفس الاسم، وحرمانه من تطبيق هذا البرنامج الصامد في بلادنا منذ أن رسخت الحماية الفرنسية ركائزه. بينما كان هدف «البام» توظيف الإصلاحيين، بعد إنهاكهم، في تنفيذ برنامج الأصالة والمعاصرة نفسه.
لماذا انتصر المحافظون؟ تبدو المعطيات الموضوعية، الخارجية والداخلية، بديهية لحد يجعل هذا السؤال غير ذي معنى. السؤال الأهم هو لماذا لم يستفد الإصلاحيون، داخل وخارج، حركة 20 فبراير من الدينامية التي خلقتها؟ لماذا لم يستطيعوا استثمار مكاسبها؟ هل كان بإمكانهم أفضل مما كان بعد تفكك الاتحاد الاشتراكي، منذ 2001، الحزب الإصلاحي الرئيسي؟ أليست الحملة ضد بعض المنظمات الحقوقية الأكثر تنظيما وجرأة في التعبير عن المعاصرة التامة، استكمالا لهدف التمكين التام لبرنامج الأصالة والمعاصرة؟ لأول مرة منذ الاستقلال يختل التوازن لهذه الدرجة بين المحافظين والإصلاحيين. منعطف تاريخي أكدته أحداث 2011.
إسماعيل بلاوعلي