كان المأمون ابنا أثيرا لدى المنصور الذهبي، إلى حد أخذ له البيعة وهو لم يبلغ بعد .لكن بعد وفاة السلطان، تقاتل الأبناء على العرش، وطلب المأمون مساعدة الإسبان مقابل تسليمهم العرائش.
بعدما شهد المغرب، على عهد المنصور الذهبي، فترات من القوة والتقدم والازدهار، وحالة من الرخاء والاستقرار، ما لبث الوضع أن تغير كليا مباشرة بعد وفاته، بسبب صراع أبنائه على السلطة، بل وتحالف بعضهم مع العدو الخارجي لهزم إخوته من الدم والوطن. وقد كانت حادثة تسليم الشيخ المأمون ابن المنصور مدينة العرائش للملك الإسباني فيليب الثالث، مقابل تزويده بالمال والرجال لمواجهة أخيه مولاي زيدان، أكبر دليل على ما بلغته الدولة من انحدار وتقهقر، وقد كانت الحادثة سببا في ثورة المجتمع على المأمون، ودعوة بعض الفقهاء لجهاده ومقاتلته، وإن حاول بعضهم شرعنة فعله وإباحته، فيما فضل آخرون الفرار والاختفاء زمن الحادثة. فكيف تحولت العلاقة بين المنصور وابنه المأمون من حب وتولية إلى العهد إلى شقاق وتمرد وسجن؟ وكيف اختلف أبناء المنصور واشتعلت الحرب بين الإخوة الأعداء؟ وكيف سلم المأمون ميناء العرائش هدية لملك إسبانيا مقابل دعمه ضد أخيه؟ وكيف استقبل المغاربة خبر التسليم؟ وماذا كان موقف الفقهاء أمام هذه النازلة؟ وكيف تم تحرير العرائش بعد أن احتلها الإسبان لعقود؟
المأمون الابن المدلل
كان المأمون، في بداية أمره، مفضلا عند والده المنصور، ولهذا أخذ له البيعة وهو لم يبلغ الحلم بعد، ثم جددها له وأخذها من إخوته بعد وصولهم سن البلوغ، تأكيدا لها وخوفا من أي نزاع قد يقع بعده، وتمت مراسم التجديد بتامسنا، وحضرها الأعيان والفقهاء وأهل الحل والعقد. وبلغ من حب المنصور لابنه المأمون وتفضيله له توليته على فاس وأعمالها، وإغداق المال عليه، حتى كان المنصور لا يختم على صندوق من صناديق المال إلا قال: «جعل لله فتحه على يد الشيخ»، لما كان يتوسم فيه من خلافته، ومن استمرار قوة الدولة وازدهارها على يده.
محمد عبد الوهاب رفيقي
تتمة المقال تجدونها في العدد 99 من مجلتكم «زمان»