أول آداب الجماع الاستمالة، و”من الجماع قُبَلُ الملاعبة”، و”أحسن الجماع: الجماع الفاحش”، هذه بعض آداب الممارسة الجنسية الزوجية، أو آداب إتيان النساء، كما كانت تسميها كتب الباه، كتب التربية الجنسية القديمة.
أعطى الإسلام للجنس، في الحياة الزوجية، مكانة خاصة، جعلته يرقى إلى مستوى العبادة التي يؤجر عليها. ففي الحديث المعروف: “إماطتك الأذى عن الطريق صدقة، وتسليمك على الناس صدقة، وأمرك بالمعروف صدقة، ونهيك عن المنكر صدقة، ومباضعتك أهلك صدقة”. كما أن الإسلام قرن الممارسة الجنسية، مع الزوجة، بعدد من الآداب، من صلاة ودعاء، سواء في ليلة “البناء” أو “الدخلة” أو فيما تبقى من الحياة الزوجية، ما جعله يسمو إلى مقام العبادة.
وكثيرة هي الأحاديث التي تحث على الترغيب في الجماع، وتعد بالثواب على ذلك. ففي الحديث: “إن الرجل إذا هم بغشيان أهله فلاعبها، كتب لله له عشرين حسنة ومحا عنه عشرين سيئة. فإذا أخذ بيدها كتب لله له أربعين حسنة ومحا عنه أربعين سيئة، فإذا قبلها كتب لله له ستين حسنة ومحا عنه ستين سيئة. فإذا أصابها كتب لله له عشرين ومائة حسنة ومحا عنه عشرين ومائة سيئة. فإذا اغتسل باهى لله به الملائكة يقول: أنظروا إلى عبدي هذا يغتسل في هذه الليلة الغراء من خشيتي ويقينا بأني ربه. اشهدوا بأني قد غفرت له. فما يجري الماء منه على شعرة إلا كتب لله له بها حسنة”.
تحت هذا الإطار، ألفت عشرات الكتب في علم الباه أو النكاح أو الجماع. وكأن الدين الإسلامي، عندما اعتبر الممارسة الجنسية الزوجية بمثابة العبادة، أعطى الدفعة الأولى لانطلاق عملية التأليف، وفي نفس الوقت وضع إطارها العام. هكذا، كان من ضمن المؤلفين عدد من الفقهاء، أشهرهم جلال الدين السيوطي الذي ينسب إليه أكثر من كتاب في هذا الباب.
تستمد هذه الكتب تصورها من الإطار العام لفلسفة الزواج في الإسلام من حفظ النسل، وتكثير سواد الأمة، وتحقيق المتعة، وحفظ الدين (العفة، غض البصر، كف النفس…إلخ). وتتألف كتب الباه غالبا من قسمين: قسم طبي يخصص للجنس وآدابه وطرقه ومشكلاته وسبل علاجها، وهو قريب إلى ما نسميه اليوم بالتربية الجنسية، وآخر أدبي يتضمن حكايات نوادر جنسية من التراث العربي والإسلامي.
خالد الغالي
تتمة المقال تجدونها في العدد 22-23 من مجلتكم «زمان»