هل أفاد الاستعمار المغرب؟ أم أن المستعمر عمل فقط على نهب خيرات البلاد؟ سؤالان من بين أخرى ما يزالان يشغلان الباحثين والأكاديميين.
مازالت المنتديات الفكرية والأوساط الأكاديمية تحتضن، بين الفينة والأخرى، نقاشات، تكون حادة أحيانا، حول من المستفيد من التجربة الاستعمارية؟ هل الدولة المستعمِرة فقط، بما نهبته من خيرات البلدان المحتلة، أم أن المستعمرات بدورها استفادت من هذه الوضعية، ليس فقط على مستوى ما كسبته من بنيات تحية وتجهيزات، لم تكن لتحلم بإنجازها في وقت قصير، بل على مستوى الإسهام في تثوير البنيات السوسيو اقتصادية للبلاد، مثلما تحدث عنه كارل ماركس بالنسبة لتجربة الاستعمار البريطاني في الهند؟ّ
تبدو أهمية هذا النقاش، بالنسبة للنموذج المغربي، في تجاوزه للمستوى الأخلاقي الضيق، في محاولة فهم موضوع مادي صرف.
وفي تجاوزه أيضا لمنطق ثنائي، يقول بالسلبية أو الايجابية في إطلاقيتهما، إلى السعي لتفادي الأحكام المسبقة في تناول الموضوع. فالحماية الفرنسية للمغرب، كانت بالأساس عبارة عن مقاولة للاستثمار، أو أن شئنا التدقيق أكثر، جاز لنا القول إنها فرع من مقاولة كبرى اسمها البورجوازية. هذه المقاولة التي ضاق بها المجال الأوربي بما رحب، جندت لتوسعها مختلف السبل وسخرت مختلف الآليات، لاكتساح أسواق ومجالات استثمارية جديدة. ولما كان من الطبيعي أن يقدم أي مستثمر على تجهيز المحل أو الفضاء المراد استغلاله، أقدمت إدارة الحماية الفرنسية في المغرب على وضع برنامج طموح للتجهيز قبل الاستغلال، فأطلقت ورشا كبيرا لتوفير البنية التحتية الضرورية، للوصول إلى خيرات البلاد والاستفادة منها. لذلك لا نعتقد أن ما أنجزته فرنسا في المغرب من بنية تحتية، خلال فترة الحماية يعتبر منة ولا صدقة في إطار «رسالتها الحضارية» في المغرب، بل ضرورة لا يمكن استغلال خيرات البلاد دونها.
الطيب بياض
تتمة المقال تجدونها في العدد 24 من مجلتكم «زمان»